facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أيهما أولى: رفع الأسعار أم محاسبة التجاوزات؟


د. محمد خالد العزام
12-01-2025 04:05 PM

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه الأردن ، ومنها الأزمات المالية والعجز في الموازنات العامة، يتكرر النقاش حول الإجراءات الاقتصادية المطلوبة، وتبرز مقترحات رفع الأسعار والضرائب كحلول لتغطية العجز المالي. ولكن، في الوقت ذاته، تطفو على السطح قضايا تتعلق بالتجاوزات المالية والإدارية التي يتم رصدها في تقارير ديوان المحاسبة، والتي تشير إلى هدر بملايين الدنانير. وهنا يتبادر السؤال: أيهما أولى، رفع الأسعار أم محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات؟

لذا الحكومة التي لا تحمل برامج ولا يوجد لديها نية جادة في مكافحة الفساد تسعى إلى الحل الأسهل وهو رفع الأسعار ولكنه المكلف اجتماعياً إذ نرى بأن أي حكومة تكلف تقوم برفع الأسعار، سواء من خلال زيادة الضرائب أو تقليص الدعم الحكومي على السلع والخدمات، ويُعد من الإجراءات السريعة التي تلجأ إليها الحكومات لتعزيز الإيرادات العامة. ومع ذلك، فإن لهذا الحل تكلفة اجتماعية واقتصادية باهظة؛ إذ يثقل كاهل المواطنين، لا سيما ذوي الدخل المحدود، مما يزيد من معدلات الفقر والبطالة ويؤثر سلباً على القوة الشرائية ويضعف الاقتصاد المحلي .

وعلاوة على ذلك، فإن اللجوء إلى هذا الخيار دون معالجة الأسباب الحقيقية للعجز المالي، مثل الهدر المالي والتجاوزات الإدارية، يجعل المواطنين يشعرون بعدم الإنصاف ويُفقد الحكومة مصداقيتها.

لذلك لا بد من تضميد الجرح النازف في الاقتصاد الأردني وهو محاربة الفساد المالي والإداري ولا ننسى تقارير ديوان المحاسبة والتي تثبت بشكل متكرر وجود تجاوزات مالية، تشمل التلاعب في الصفقات والعقود وإهدار المال العام وسوء إدارة الموارد وعدم الالتزام بالقوانين المالية والإدارية. هذه التجاوزات تمثل استنزافاً حقيقياً لموارد الدولة وتعيق تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ولا يوجد لدى الحكومة ولا يوجد كذلك ضغط من قبل مجلس النواب على محاسبة كل من تجاوز في تقرير ديوان المحاسبة في السنوات الماضية

وإذا تم التعامل مع هذه التجاوزات بجدية، من خلال محاسبة المسؤولين واسترداد الأموال المهدورة، فإن ذلك يحقق عدة أهداف في آن واحد منها تعزيز الثقة في المؤسسات الحكومية فعندما يرى المواطن أن هناك رقابة حقيقية ومحاسبة صارمة، يزداد شعوره بالانتماء والمشاركة في بناء الوطن ، وكذلك توفر الحكومة من خلال المحاسبة الأموال التي يتم استردادها من التجاوزات المالية يمكن أن تسهم في سد جزء كبير من العجز المالي والتي تسعى لسد عجزه من جيب المواطن .

إذ قامت الحكومة الجديدة والتي تفائل بها المواطن خيرا باتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التي شملت رفع أسعار عدد من السلع والخدمات الأساسية، حيث تم زيادة أسعار المياه والصرف الصحي، مما أثار استياء المواطنين الذين اعتبروها عبئاً إضافياً على كاهلهم. كما شمل الرفع أسعار منتجات التبغ مثل الدخان والمعسل، ولم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، إذ تم أيضاً رفع أسعار بطاقات الاتصالات الخلوية، ما قد ينعكس سلباً على التكاليف اليومية للتواصل. إلى جانب ذلك، شهدت أسعار الدواجن ارتفاعاً ملحوظاً، مما يزيد من الأعباء على الأسر في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. وأخيراً، قررت الحكومة زيادة ضريبة السيارات الكهربائية، وهو ما قد يحدّ من الإقبال على هذا النوع من المركبات الصديقة للبيئة، مما يثير تساؤلات حول أهداف الحكومة في دعم التحول إلى وسائل نقل مستدامة.

فالحكومة إذا كانت جادة لا بد لها من تطبيق القانون وخاصه في مجال ملفي الفساد والتهرب الضريبي بشكل عادل وصارم مما سيحد من التجاوزات المستقبلية ويعزز ثقافة النزاهة والشفافية في المؤسسات العامة.

فالحل الأمثل محاسبة التجاوزات أولاً وهو الخيار الأكثر عدلاً واستدامة مقارنة برفع الأسعار. فبدلاً من تحميل المواطن البسيط عبء العجز المالي، يمكن للدولة تحسين مواردها المالية من خلال سد منافذ الهدر والفساد.

كما أن محاسبة التجاوزات تفتح المجال أمام إصلاحات اقتصادية وإدارية جادة، وتبعث برسالة واضحة إلى الجميع بأن المال العام أمانة، وأن أي تلاعب به سيقابل بالردع والمحاسبة.

لذا يجب على الحكومة بأن تقف في صف المواطن كما دعا جلالة الملك عبدالله بن الحسين في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة ، ولا ينبغي للحكومات أن تتسرع في اتخاذ قرارات من شأنها أن تزيد من أعباء المواطنين دون النظر إلى الأسباب الحقيقية للعجز المالي ، فإن محاسبة التجاوزات التي رصدها ديوان المحاسبة هي خطوة أساسية نحو الإصلاح، وبدونها سيبقى أي إجراء اقتصادي، مهما بدا فعالاً، مجرد مسكن مؤقت لمشكلة أعمق. وبالتالي، فإن الأولوية يجب أن تكون لمحاسبة المتجاوزين واسترداد الأموال العامة قبل اللجوء إلى رفع الأسعار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :