سلامة يكتب: إلى البحرين .. عرس الاحبة فرحة
أحمد سلامة
12-01-2025 11:13 AM
وافيتها قبل سبعة عشر عاما وكنت مدججا بالحزن وبالعتب… وغادرتها اول مرة بعد ثلاثة عشر عاما لم انقطع عنها قط سوى قرابة نصف عام اويت فيه الى (الازهر الشريف) ابحث عن رضا نفسي بعد هزة الربيع العربي
وبعد لقاء مصادفة مع رفيق العمر وانا عائد من الازهر الشريف الدكتور الاخ الحبيب هاني الملقي في عمان غادرتها بعد ان ودعت الاحبة فيها وانا قرير العين هادئ حد الدعاء..
عدت على امر او وعد لبدء عمل وطني بالتكليف، واعلمت بعد قرابة اسابيع ثلاثة ان عائقا في الطريق حال دون ذلك رضيت من الغنيمة بالاياب وهذا موسم الفرح ولا اريد ان اثير مواجع وقصص صنعها اصحابها وقتذاك… ربما ان اعود اليها عما قريب لنتحاسب مع من تسبب في ذلك ليس من زاوية شخصية بل في باب البوح الوطني.
البحرين درة الحب وعاشقة الونس
عاودت لقاءها مرتين بعد ذلك كوطن احببته وها هي الثالثة اعود اليها للفرح.. لكن البحرين قصة في الحب مختلفة
لحظة ان استأذنت صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد ال خليفة ولي العهد، بالرواح الى عمان سألني (في حد زعلك، في احد ضايقك) ولما اجبته بالنفي والامتنان لشرف العشرة.. قال لي (مكتبك موجود اي لحظة بتحس باي ضيق اهلك في البحرين يرحبون بك…)
واشهد الله انهم كانوا نعم الاهل
عدت اليها اول مرة لمناسبة محزنة لتقديم واجب العزاء ولقد وجدتها محزونة مكلومة بوفاة الشيخة المهيبة رحمها الله والدة سمو الشيخ عيسى وسمو الشيخ محمد.. وشقيقة الكبير معالي الشيخ خليفة بن دعيج ال خليفة..
كان يوما للحزن وقفلت راجعا
والثانية.. وصلتها مضطربا ومهموما ايضا حين صدمني خبر اعز الناس الاخ الزميل عبد الرحمن القاسمي (ابو راشد) الذي نجا من الموت بمعجزة احسانه وطيب خلقه من حادث سير في (الرفاع) قاتل.. وحمدت الله واسعدني شفاؤه، لان ابو راشد نموذجا للحب ومثالا للاخوية
وصورة للنبل لا تتكرر.. ومكثت فيها ضيفا عدة ايام والتقيت بسادة وسيدات افتقدت حلاوة العيش في كنفهم…
اليوم اعود اليها وكل ما في القلب زينة ودعاء ان يحفظ ويبارك لاهل الفرح فرحتهم.. فلقد طوقني المحترم الطيب ذو الخلق السامي حبيبي معالي الدكتور الشيخ خليفة بن دعيج ال خليفة، حرسه الله من بواطن اعمال حساده بان شرفني فرصة مشاركته فرحته بعرس بكره وحبيبه وصديقه وصديقي الشيخ دعيج بن خليفة بن دعيج ال خليفة
وساباهي بذلك طوال حياتي
كنت وعصام الجاسم سفير مملكة البحرين في فرنسا اليوم نجلس متجاورين في ذلك البهو الهندي الواسع الممتليء عن بكرة ابيه من ارقى طبقات الهند في مدينة (ترفندروم) حين طلب عريف الحفل الهندي المعتق بالحضارة من (الشاب الشيخ دعيج بن خليفة ال خليفة) من القاء كلمة البحرين لمناسبة قديمة تجمع المملكة مع الهند!!
وحين توجه (الشيخ دعيج) الى المنصة وكان شابا يافعا والخطاب بالانجليزية اختلست نظرة تمعنية في ملامح الشيخ الوالد حين كنا متجاورين يفصل بيننا الشيخ خالد الابن الثاني لمعالي الرئيس..
كانت اول خطبة للشيخ دعيج الطالب وقتذاك العريس غدا باذن الله خارج الوطن..
كظم الوالد لحظة من قلق لكن الثقة بالابن كانت مسيطرة عليه.. وظل صامتا بابتسامة دافئة مرسومة الى ان باشر الشيخ الابن تجربته بين وزراء هنود ورجال اعمال وسيدات مجتمع وكان العدد بالمئات!!
ولما تمكن الشيخ دعيج من انتزاع تصفيق القاعة على هيئة عاصفة متصلة في منتصف خطابه ووقف له الحضور احتراما وجدت معالي الرئيس الدكتور الوالد يصارع ذاته كي لا تفط دمعة الفرح من عينه.. كان ذلك اليوم كما قال لي الغالي ورفيق الروح عصام الجاسم (يا فخر والديه فيه) قرت عينه رئيسنا والله
ما شاء الله ..
كان ذلك اليوم، يوم عبور علاقتي بمعالي رئيس ديوان ولي العهد مرحلة من الود الاخوي مع فوارق الظلال التي ينتسب كل واحد فينا اليها..
ابدأ الكتابة هذا اليوم في موضوع انساني. مخلصا احاول ان ارد الجميل العاطفي لهؤلاء الناس الذين منحوا روحي ونسا وسكينة لا يشبهها اي شيء في الكون فكائن البحرين خلقت للرضا والوداعة..
قصة (الشيخ دعيج في الهند) مضى عليها قرابة العقد من السنوات ظلت نجاحات هذا الشاب الخليفي المؤصل تتراكم في الحياة حتى ادرك رغبة الوالدين اضاءة قلوب المحبين بالسعادة لحظة زواجه..
معالي الدكتور الشيخ خليفة بن دعيج ال خليفة.. قابلته اول مرة في احدى صباحات آب من عام ٢٠٠٨م حين نزلت ضيفا على البحرين وبقيت
فيها برغبة مني كذلك حتى غادرتها وانا احبها كوطن كضفة ثالثة تأوي القلب
كان يترأس جلسة لاجراء مقابلة بدت شكلية معي لان قرار صاحب السمو باختياري مستشارا اعلاميا في بلاطه قد اتخذ وبدا اللقاء كأنه تعارف ضمت القاعة يومها الرجل الصلب والناصح الحكيم الاخ حمد الرميحي كبير رجال القصر ويتلي عليك حكمه بكرة واصيلا والذي اضحى اخي اعز من كل اخوتي من صلب ابي عصام الجاسم رئيس المراسم حيث قضيت واياه كل صعاب المرحلة اللاحقة قلبا لقلب وروحا لروح
كذلك شارك الاخ يوسف حسن رجل المال الوحيد في العالم الذي يعطيك ويدعو لك (عليك بالعافية)..
كان معالي رئيس الديوان اعذبنا محيا، والطفنا معشرا، واحبنا للحياة ولم يتغير ولم تبدله السنون ولا الصعاب قط
عملت في معية معالي رئيس الديوان الدكتور الشيخ خليفة بن دعيج ال خليفة سنوات تجاوزت العشرة ما اسمعني فيها كلمة نابية، ولا علا صوته في حوار تفاوتت الاجتهادات وصعوبة ظروف عمله كرئيس للديوان كذلك مررت في معيته باصعب ظروف يمكن ان تواجه انسان في مرحلة (عجز الفهم العربي في اندلاع الربيع العربي) وكنا ثلاثتنا الرئيس وعصام الجاسم وانا
كثيرا ما كنا نصل ليلنا بصبحنا ولم اره في احلك لحظة مرت علينا قد تخلى عن ابتسامة الطمأنينة لديه… كان معالي ابو دعيج الحبيب قد اكرمني في معية صاحب السمو الملكي ولي العهد بزيارتي عام ٢٠١٠ م حين منحني ابني فراس كليته بزيارة لمنزلي في عمان وستظل تلك الزيارة النبيلة احد اهم متغيرات الحياة في معنى الخلق والسمو
حين غادرت عتب علي عتبا اخويا شديدا واتهمني بالتخلي عن الاخوة لكن الاسباب التي كانت لدي لم تكن قد اقنعته وقتذاك وحين مرت الايام اراه قد غفر لي خذلاني لـ معاليه..
ذات يوم ازهري في القاهرة عاودني النزيف الصعب الذي اعتدت عليه وان كان في القاهرة قد اوصلني الى لحظة الاستسلام… كان هو وحده في الدنيا والابناء رفعت واسامة من اصرا على ان اعود للحياة برحمة من الله ورعاية معالي رئيس الديوان وقدوم الابناء فمنذ اللحظة الاولى طلب من الاخ الحبيب الشيخ راشد بن عبد الرحمن سفير المملكة ان ينهض بكل ما يتصل في حالتي من التغطية المالية حتى العناية الفائقة ولم يكتف بهذا بل اوفد رفيق روحي والرجل الذي يعطي للحب معنى خاصا عصام الجاسم وبرفقته الاخ طارق التقي
ليشرف على عودتي الى عمان
يا للخلق حين يتجلى وتتوافر الامكانات الروحية لصاحبه فانه يكون مثل الدكتور الشيخ خليفة بن دعيج لانه نسيج وحده لا يتكرر ويستحيل ان يقاوم في اكروماته وانسانيته وحسن مودته
ثمة مثل سلطي في بلادنا يصح ان اقتبسه خلاصة القصة، يقول اهل الصيت في السلط (الاصل يونس الوحشة) و(الاصل بونس) اشهد فيك ايها الشيخ يا ابن الشيخ حفيد الشيخ خليفة بن دعيج ال خليفة انك اصيل وابن اصل واصلك انس وحشتي في الحياة
فهذه الحياة قاسية باصحابها ومثلك من يحليها
ابارك بالقلب لك ايها السيد العزيز معالي ابو دعيج.. ها قد اعدتنا للفرح البحريني من جديد ايها الشيخ الجليل ايها الشيخ الاصيل