الشماعة.. قطعة خشبية أو حديدية غالبا ما توضع في زاوية ما في بيتنا او مكتبنا، تعلق عليها الملابس والأشياء، حتى نخفف حملنا ونرجع إليها، ان رجعنا.
هذا الطرف الخارجي، يتجاوز مجرد كونه مادة ملموسة للتعليق المادي، بل أصبح رمزية لتخاذلنا وتقصيرنا، نهرع إليه حين نفوت الفرص، وحين لا نسعى، وحين لا نعمل.
البعض اليوم ابدع في «صناعة الشماعة» فأصبحت سلوكا لطريقة تعاطينا مع الحياة والأحداث، فبدلا من السعي والعمل، نهرب صوب الشماعة، هذه الاستراتيجية النفسية التي تبرر هربنا وبعدنا.
وحتى لا نتعب أنفسنا ونواجهها، عظمنا قيمة الشماعة، فلم تعد خشبة او معدن لتعليق الثياب، بل تحمل وزرنا، وفشلنا السياسي والاجتماعي والشخصي والعاطفي.
مسكينة الشماعة لا حول لها ولا قوة، متوقفة هناك تحمل ما عجزنا عن حمله، وكلما اثقالناها بهروبنا كلما صمدت، واوهمنا أنفسنا بالتحرر من المواجهة، وتحقيق الانتصارات.
الشماعة تحمل اليوم ما عجزنا عن حمله من وقوف حقيقي أمام مجازر وظلم وسلب البشر لحقوقهم حتى بشربة ماء نقي، يكبر حملها وتغاضيها عن لوم لم تصنعه ولم تشارك به وايضا قد لا تكون قابلة به اساسا ولا ممتنة لحمله .
من اراد الحياة.. كسر الشماعة، وبحث عن الخلل، فإنكار العجز ليس انتصارا، وترك العيوب ليس طريقا للوصول، نحتاج اليوم وبشدة ان نهجر ثقافة تفضل وتعظم دور الشماعة بل تجعلها طوق نجاة.
كن صادقا مع نفسك.. لا تبرر.. لا تكرر. المعلَّق سيبقى معلقا، اكسر وامض، فالشماعة اليوم مثقلة بإخفاقاتنا وتستحق منا كل التقدير كونها جاهزة واقفة شامخة تستقبل لومنا وتبريراتنا، فيما نذهب نحن براحة واعفاء ضمني بأننا «مش مقصرين ابدا».
من اتقن فن وثقافة «الشماعة» لم ولن يغادر القاع.
الدستور