facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أبعاد المرموز وغير الملموس في قصيدة "وقوف مجسم للدوران" للشاعر الهتار


11-01-2025 06:49 PM

* دلالات الحركة والتحرك

عمون - قراءة الشاعرة أحلام بن دريهم "إلهام نور" - يبدو أن الشعر بات قضية الشاعر التي يحاول أن يطرحها على فئة النخبة تحديدا ولكن بمعنى آخر يود أن يحاور من يفهم الشعر وليس من يحبه..فلا تكفي المتلقي محبة الشعر ولا تزيده شيئا بل لابد من قارئ يفهم الشعر كذلك ..

((الغيبُ لا الكلماتُ طلَّ ببالِكْ فكنِ المشيئةَ في مهبّ خيالِكْ
للشكِّ نافذةٌ
يحدّقُ صمتُها
برؤىً تشدُّ خلالَها بخلالِكْ
لغةٌ على معناكَ
إنْ أسكتَها
عَضُلتْ لتُخرِجَ صوتَها بسعالِكْ))

- البعد الرمزي في هذا البيت تعدى حدود الملموس ليحاول بوطأة الغيب على عتبة باله أن يمتد بذات الشاعر كما يطمح أن يراها هو بكل كمالاتها عن طريق التصور والتخيل ..فالكبت هنا عند الشاعر مرفوض ولو كان ذلك قد ألزم نفسه بنفسه صمتا لأنتفضت رئته وسعلت بمكنوناته رغما عنه شعرا-

((نعلٌ من الطرقاتِ
قالَ ترحلٌ:
لخطاهُ في كلِّ الجهاتِ مسالكْ
لا مسْتَهلًا فيهِ غيرُ نهايةٍ أقفلتَها ببدايةِ استهلالِكْ))

-ما دام الشاعر قد أعتق نفسه من كل قيد فهو الآن يرى في كل جهة مسلكا على مقاس ذاته المتمردة على كل قوانين الصمت والكبت وكل نهاية ترى في آخر المسرى ماهي إلى بداية أخرى فالإمتداد والإتساع هو ما يصبو إليه الشاعر لإبتكار قصيدته اللامتناهية ..أو بعبارة أخرى لقصيدته التي تمتد كلما حاول أن ينتهي أفلتت منه وتمددت إلى ما لا تلمحه عيناه-.

((ياقادمًا من كلِّ ما لا ممكنٌ سهلًا يلخصُ فكرةً لمحالِكْ
بمداكَ
آخرَ ما تفكرُ ساعةٌ
نقشتْ عقاربَها على ترحالِكْْ
سبقتكَ للغيبيِّ روحُكَ
عندَما كانتْ مجردةً على صلصالِكْ
فمضتْ تجرُّ قدومَ آنكِ خلفَها
لتظلَّ أنتَ عليكَ من أطلالِك
فخُلِقتَ حتميَّ الجهاتِ مُسيَّرًا
مابينَ نقصٍ فيكَ واستكمالِك))

-الرمز يحرك الواقع وما وراء الواقع في دلالاته الغير معجمية بطبيعة الحال فهي دلالات حسية تعتمد على الحدس والرؤيا التي تتفاعل من خلالها الذات مع الموضوع وكلمة (الصلصال) في هذه الأبيات التي تكمل مع بعضها البعض الفكرة توضح مدى حيوية الروح لدى الشاعر ووقعها على صلصاله باعتبارها مجردة في تلك اللحظة فكانت لها الأسبقية إلى الغيبيِّ الذي يمثل مسافة امتداد القصيدة التي مازالت تهرب من الشاعر كلما اقترب من لمسها -

((فخُلِقتَ حتميَّ الجهاتِ مُسيَّرًا
مابينَ نقصٍ فيكَ واستكمالِك))

-التضاد الهادف في استنطاق الصورة الشعرية في هذا البيت المفتاح والذي أراه بنظرتي الخاصة أنه البيت المركز من عصارة القصيدة كلها وهو الفكرة والعبرة في آن واحد -

.
((يا من خشيتَ الصمتَ آنًا غامضًا حقبًا كأنْ تخشى السلامَ مهالِكْ
عوضًا عن المجهولِ
إن قصيدةً
تكفيكَ لاستشرافِ هدي مآلِك
فمن الضلالةِ
مايكونُ هدايةً
ومن الهدى ما ينتمي لضلالِك
فاقبضْ على المعنى بما سأقولُهُ
فالقولُ حربٌ
وهو من أنفالِك))

-ويستمر اللعب على وتر التناقض الهادف كذلك في هذه الأبيات لتجتاحنا لوهلة فطرة الإنسان بأخطائه التي يتعلم منها ويستعبر من خلالها فكان الشاعر في هذه الأبيات هو و نسخة من نقيضه كذلك ليكتمل المعنى بالتضاد ويستقيم السبيل بعد حفر وزلات وهذا ديدن الحياة بكل تفاصيل معتركها-

((لا تسألِ المعتادَ..
ربَّ إجابةٍ
خَطَرَتْ علانيةً قبيلَ سؤالِك
ماعدتَ محتاجًا لتُشرحَ ألسنًا
مادمتَ مشروحًا على أفعالِك
والآنُ
ما ألقيتَ حالَ وقوعِهِ
إلا لأنّ الغيبَ من أحمالِك
الآنُ لا تفتحْ نُحاك لما بهِ
إذ لم تدعْ للغيبِ غيرَ مجالِك))

-ويتابع الشاعر تجليه بالرمز تلك الحركة التي تنتقل به إلى عوالم أخرى وتتحول به من صمته إلى ضجيجه ومن سكونه إلى تململه على وقع الحدس في بيته الذي يقول فيه:
لا تسألِ المعتادَ..
ربَّ إجابةٍ
خَطَرَتْ علانيةً قبيلَ سؤالِك
وعلى وقع صنيعه وممارسته لأفكاره وقناعاته تجاه نفسه أولا وتجاه غيره في بيته الذي يقول فيه:

.ماعدتَ محتاجًا لتُشرحَ ألسنًا
مادمتَ مشروحًا على أفعالِك-

.
((آلوا إلى فشلِ الحقيقةِ حيرةً من قارنوكَ بكلِّ صبحٍ حالِك
المحرصون على تربصِ قولِك اندثروا ضبابيين في أقوالِك
منذ استعارتْكَ الحروفُ ملامحًا
وعيونُهم تجثو على سريالِك))

-لا شعر دون فخر وهذه السمة واضحة جدا في أبيات الشاعر التي اعتمد فيها بشكل أساسي على بعض المفردات التي اتسمت بالبرود والصمت والضياع...إن صح التعبير لكنه يجسد بها الأطراف الأخرى في محاولة لكشف ضعفهم وانهزامهم أمام سمو شاعريته وفكره على اختلافهم وكثرتهم -

((مستمطرون
ومن تلهفِ نارِهم
يستجففون الماءَ في شلالِك
مستفتحون ودونَ أيّةِ وجهةٍ يستطرقون البابَ في إقفالِك
متحررون
ومن سراحةِ أسرِهم
يستنفرون الخطوَ من أغلالك
متدينون وباتساعِكَ تقيةً يستفرغون حرامَهم بحلالِك
ومثقفون: على صروحِ عقولِهم للجهلِ تنظرُ أعرشًا وممالِك


العارفون اللهَ في أشكالِهم الناكرون اللهَ في أشكالِكْ
المؤمنونَ اللهَ في أشْكَالِهمْ الكافرون اللهَ في أشْكَالِكْ
اللابسون اللهَ في أشكالِهمْ الخالعون اللهَ في أشكالِكْ
.
.
دعْ ما أتى مما يقالُ مرددًا بلسانِ ما تمليهِ حالُ نضالِك:
لم يمضِ من زمنِ الحكايةِ غيرُ ما
ابتعدت يمينُكَ من حدودِ شمالك
حيثُ اكتفتْ بالوقتِ روحُكَ
إذ رأتْ أنّ انبلاجَك كائنٌ بزوالِك
حيثُ التجأتْ إلى انتظارِكَ مثلما لورائها التجأتْ خطى إقبالِك))

-يطوع الشاعر في هذه الأبيات شكله مع ما يتماشى ومشاعره الهلامية التي تسكنها ذبذبات ارتخائه على وقع تسليمه ذاته لمصيره مؤمنا بنضاله الذي يستمد رؤيته من بصيرة الشاعر الذي يرى نفسه كائنا زائلا وولادته المتجددة قائمة في حد ذاتها على فنائه وتلاشيه قبل بعثه من جديد ..وكأن للشاعر هنا مسحة صوفية وظيفتها خلق نوع من الإنفعال للعقل الباطني والذي يبدو طليقا من قيود عاطفته نوعا ما وتوجهه لإستهلاك أفكار تبتعد كل البعد عن تماهيه مع قلبه فمَنْطَقَها عقله -
.
((ولهندَ قُلْ: للهِ ما آنستُهُ من منطقي المتمهّلِ المتمالِكْ
حيث المسافةُ لا المسافةُ والحقيقةُ لا الحقيقةُ عندَ فطرةِ آلِكْ
نظريةُ الأبعادِ تُنقَضُ منْكِهُ
فهنا يراكَ
إذا رآكِ هنالكْ
ما ضقتُ صبرًا من سبيلكِ
والذي جعلَ المدى والخطوَ يشرحُ ذلكْ))
.
-أبرز ما يلفت الإنتباه في النصوص الحداثية هو اشتغالها على تمكين القارئ أن يكون ذا نشاط تأويلي للفكرة فهو الذات التي يسكن فيها المعنى شعورا بقلبه ،تخمينا بعقله..
وأبيات الشاعر في هذه الحالة المنفلتة مذهنه الممسكة بيد وجدانه فاتسم العبور بكونه عاطفيا فكانت هناك بعض المفردات والشخصيات كهند ،ما ضقت صبرا.-

((كأنّ اللهَ من أو حى لها
أن عانقي أبعادَهُ بوصالِكْ
أنثى ولا وحيٌ..
فكلُّ قصيدةٍ
من قبلِ أنْ..
مكتوبةٌ بجمالِكْ
.
لكأنَّ مئذنةً بقلبي لا ترى
لصلاتِها إلا أذانَ بلالِك
وكأن شعريَ وهو حرٌ حين يستوليكَ
مملوكٌ بكفِّ المالِكْ
.
لو أنّ في التشبيهِ مقصدَ ما نرى
لرأيتُهُ يا هندُ من مثقالِك
فبأيِّ معيارٍ أقولُ: البدرُ أنتِ البدرُ لو شبّهتُ بعضُ هلالِك
البدرُ لو آنستُهُ بتمامِهِ
آنستُهُ متقمصًا لكمالِك
لو أنّنا نزنُ الجمالَ
بغيرِهِ
لوزنتُهُ بالقسطِ في مكيالِك
ولو الموسيقى
جوذبتْ بأصولِها
لرأيتُها ترتدُّ من خلخالِك
الفنُ من معناكِ والأوتارُ من أصداكِ والناياتُ من موالِكْ))
.
-كان ولابد للشاعر الذكي كونه على قدر عالي من الشاعرية أن تكون أرضه الخصبة التي يزرع فيها بذور أفكاره أنثى فكانت القصيدة لابد لها من الرقة ما يجعلها تلج القلوب وتحرك مختلف الأحاسيس في المتلقي وتمكن الشاعر من أدواته جيدا كي يصنع جوا عاطفيا مشحونا بالغزل . فبلغ ذروة شاعريته وقمة براعته في إستجلاء صورته الشعرية وفكرته حين قال في هذا البيت:
.لكأنَّ مئذنةً بقلبي لا ترى
لصلاتِها إلا أذانَ بلالِك-


((لم يمفتتنْ بخصالِكِ القلبُ الذي
أغواهُ سوءكِ قبلَ حسنِ خصالِك
لكأنْ يرى قلبي وأنتِ عُضالُهُ المألوفُ أنَّ دواءَهُ بعُضالِك
أو كنتِ سِحرًا وهو ما أيقنتُهُ أخفتْ عصاي يداي عن إبطالِك
.
.
لا تحسبي أنّي مجردُ شاعرٍ
وقعتْ قصائدُهُ على أمثالِك
ما الشعرُ ما الشعراءُ!!
غيرُ حقيقةٍ
كانتْ تحاولُ أن تكونَ كذلِك
لم ألقَ في الشعراءِ غيرَ أبوةٍ
قالت ليَ:
الشعراءُ من أطفالِك))

-ويستمر اندفاع الشاعر على بساط الريح إلى منتهى فكرته لاتسابقه سوى ذوات القراء فكان له أن يغازل في آخر أبياته وأن يختمها بعبرة رسخت بذهنه كم ترسخ النخلة في الصحراء فقال آخر بيتين ليعود بذاته الممتدة في كهولة المعنى على شيخوخة الطرقات المتعبة بإصراره على الإندفاع دائما والثبات أبدا ليقف بقامته الشامخة أبا لأطفاله الشعراء فخرا بنفسه -





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :