التل يكتب: تسخيف المنابر وإنصاف الأميين!
محمد حسن التل
11-01-2025 04:58 PM
يصعد على المنبر ليخطب الجمعة ويجد من الأولوية دائما الحديث عن علاقة المرأة بزوجها، وكيف ترضيه في كل شؤونه بطريقة تجعل السامع يشعر أن الإسلام أهان المرأة وجعلها متعة للرجل لا أكثر ولا أقل، بطريقة فيها أسقاط شهوة المتحدث وكبته على الدين.. ولم يخلقها لتكون عماد المجتمع وأساسه، لها حقوق وعليها واجبات.
ولا يجد مئات أشباه الخطباء وأنصاف الأميين مواضيع لخطبهم إلا عن المرأة في معظم الجمع وخطورتها على المجتمع، إذا لم تجلس في بيتها وتغلق عليها الأبواب والنوافذ، تنتظر زوجها لإمتاعه والسهر على خدمته!!
أحدهم لم يجد موضوع خطبة قبل عدة أسابيع الا للحديث عن ماء الرجل وأنواعه، ويصعد آخر ليعلم الناس كيف يتوضؤون، حيث شعرت وأنا أستمع له بأنني عدت عشرات السنين للوراء وتذكرت درس الدين في الصف الأول الابتدائي.
يخطب هؤلاء أمام الناس وكأن المصلين أميين في أمور دينهم، وبينهم الطبيب والمهندس والمحامي وأستاذ الجامعة لكن ما باليد حيلة، يضطر هؤلاء للاستماع إلى هذا النوع من الخطباء ليؤدوا ركن صلاة الجمعة، ونتيجة هذا الواقع الأليم أصبحنا نرى تصرفات يقوم بها المصلون يوم الجمعة حتى لا يضطروا للاستماع إلى الخطب الضحلة، وبنفس الوقت لا يفوتون عليهم صلاة الجمعة، فالكثير من المصلين يجلس بسيارته بالقرب من المسجد حتى تقام الصلاة، وآخرون لا يتوجهون إلى المساجد ألا قبل القيام بدقائق، ناهيك عن أن من هو داخل المسجد يتلهى أو يتغافل حتى لا يستمع لسطحية من يتحدث وركاكة أسلوبه وسخافة الموضوع..
من غير المفهوم هذا الإصرار على أن تكون خطبة الجمعة على هذه الشاكلة، وبهذا الأسلوب الركيك وعدم إفساح المجال لعلماء الشريعة وأساتذة الجامعات ليكونوا خطباء الجمعة ويكونوا على قدر عظمة المنبر النبوي الشريف..
رضينا غصبا بالخطبة الموحدة التي تجبر ملايين المصلين في البلاد أن يستمعوا لنفس الموضوع، ولكن من غير المقبول أن يهبط مستوى كثير من الخطباء إلى هذا المستوى من الأمية والضعف في الثقافة الإسلامية..
الإسلام نزل شامل لكل مناحي حياة البشر وأدق تفاصيلها، لكن تناول أي موضوع يجب أن يكون حسب الظرف والتوقيت ، فمن غير المعقول ولا المقبول أن نتحدث عن أحكام الوضوء ومبطلات الصلاة في هذه الظروف التي تعصف بالأمة..
على أقل تقدير، اذا كان الحديث بقضايا الأمة ممنوع على منابر الجمعة ففي الحد الأدنى أو على الأقل الحديث عن قضايا فقهية كبيرة تراعي مستوى التطور الثقافي في المجتمع وعدم الاستخفاف بعقول الناس من قبل الجالس في وزارة الأوقاف الذي يختار موضوع الخطبة !!
من غير المفهوم الإصرار على أن تكون خطبة الجمعة منفصلة عن الواقع، وما هي الخطورة التي ستنتج عنها إذا ناقشت واقع الناس والأمة، ولماذا الإصرار على أن تكون المؤسسة الدينية بعيدة عن الناس، ولا تتمتع بثقتهم..
ما هي الخطورة من أن تكون خطبة الجمعة تنبع من أحاسيس الناس وعواطفهم وفكرهم بدل طرح مواضيع يشعر الذي يسمتع لها كأنها درس في محو الأمية!!
لقد أصبحت قضية خطبة الجمعة وضرورة الارتقاء بها موضوع نقاش واسع لدى كل الأردنيين لأهميتها حيث يجتمع الناس ينتظرون ما سيقوله الخطيب، فعلى الأقل يجب أن تحظى باهتمام المصلين داخل المسجد وتحترم ذكاءهم وعلمهم وثقافتهم، فلا يصح أن يكون المصلين في معظمهم من المثقفين وحملة الشهادات العليا كما أشرت ويأتون ليستمعوا لخطبة تتحدث عن حسن الوضوء أو الخشوع في الصلاة أو حكم لمس العورة في ظرف يعصف بالأمة!! ووجودها..
آن الأوان لرد الاعتبار إلى منابر الجمعة وإفساح المجال للعلماء أن يكونوا الأولى بها بدل الكثير من أنصاف الاميين والدراويش..