facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ارشيدات يكتب: كيف نحمي بلدنا من المزاعم الإسرائيلية؟


د. صالح ارشيدات
10-01-2025 08:50 PM

تعد قضية المزاعم الإسرائيلية بشأن وجود قصر يهودي قديم في موقع “تلول الذهب” على سيل الزرقاء واحدة من المحاولات المستمرة لفرض رواية تاريخية مشوهة تبرر أطماعًا استعمارية جديدة. هذه الادعاءات ليست جديدة، بل تأتي ضمن سلسلة من المحاولات الإسرائيلية لتزييف التاريخ واستخدام الدين كأداة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب سيادة الدول العربية وهويتها الثقافية والحضارية.

من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى توحيد جهود الدولة الأردنية بكافة مؤسساتها وشعبها للتصدي لهذه المزاعم وحماية إرثنا الوطني وهويتنا التاريخية. هذا المقال يناقش أبعاد القضية، السياقات التاريخية والسياسية المرتبطة بها، وأهم الوسائل التي يمكننا من خلالها حماية بلدنا من هذه المزاعم.

الأردن: ملتقى الحضارات والتاريخ العريق

يقع الأردن على مفترق طرق الحضارات القديمة، وهو ما جعله شاهدًا على تتابع ثقافات متعددة عبر العصور. من الحضارة العمونية والمؤابية إلى الإغريقية والرومانية، وصولًا إلى العصور الإسلامية التي تركت بصماتها العميقة على الأرض. كل زاوية في الأردن تحمل شواهد تاريخية تعكس تنوعًا ثقافيًا ثريًا، وهو ما ينفي بشكل قاطع صحة المزاعم التي تحاول تقليص تاريخ المنطقة إلى روايات دينية يهودية قديمة.

تلول الذهب، الذي أُطلقت عليه هذه المزاعم، ليس سوى جزء من هذه الأرض الغنية التي شهدت تداخلًا فريدًا بين الشعوب والثقافات. التاريخ الأردني هو تاريخ شامل يمتد عبر آلاف السنين، ولا يمكن اختزاله في رواية أحادية الجانب تسعى لتغيير حقائق التاريخ لتحقيق مصالح سياسية ضيقة.

سياق المزاعم الإسرائيلية: محاولة لفرض الهيمنة

تحاول إسرائيل منذ سنوات استخدام الدين والتاريخ لتبرير سياساتها التوسعية. وفي هذا الإطار، تُطلق بين الحين والآخر ادعاءات بوجود “حقوق تاريخية” أو “آثار يهودية” في مناطق خارج حدودها. الهدف من هذه الادعاءات ليس البحث العلمي أو حماية التراث، بل تكريس فكرة “الوعد الإلهي” لتبرير احتلال الأراضي وتوسيع نفوذها في المنطقة.

مزاعم وجود قصر يهودي في تلول الذهب لا تخرج عن هذا السياق. وهي ليست سوى خطوة ضمن حملة إسرائيلية أكبر تستهدف الأردن وسوريا ودول الجوار. فهذه الادعاءات ترتبط بمحاولة لزعزعة الاستقرار في المنطقة وخلق ذريعة لتدخلات مستقبلية قد تهدد السيادة الوطنية الأردنية.

الأردن والتعايش بين الأديان: نموذج عالمي فريد

إن المزاعم الإسرائيلية التي تستند إلى الدين تتناقض بشكل صارخ مع النهج الأردني الذي يقوم على التعايش والتسامح. قدمت المملكة الأردنية الهاشمية عبر التاريخ نموذجًا يُحتذى به في تعزيز الحوار بين الأديان. المبادرات التي أطلقها الأردن، مثل “رسالة عمان” و”كلمة سواء”، تسعى لتعزيز قيم السلام والتفاهم بين الشعوب، وهو ما يجعل من أي محاولة لتوظيف الدين لخدمة أجندات سياسية عدوانية أمرًا مرفوضًا تمامًا.

نحن في الأردن ندرك أهمية احترام التنوع الثقافي والديني، لكننا في الوقت نفسه نرفض بشكل قاطع استغلال الدين لتبرير التعدي على سيادتنا الوطنية. موقفنا ثابت وواضح: لا مساومة على أمن الأردن وهويته، ولا مكان لأي ادعاءات زائفة تحاول تشويه تاريخنا أو طمس معالم حضارتنا.

كيفية حماية بلدنا من هذه المزاعم؟

1. التوعية الوطنية وتعزيز الهوية التاريخية

أولى خطوات التصدي لهذه المزاعم هي التوعية. يجب أن يكون الشعب الأردني على دراية تامة بتاريخ بلده الغني والمتنوع، وأن يدرك أن هذه الادعاءات ليست مجرد شائعات، بل جزء من خطة مدروسة تهدف إلى طمس الهوية الوطنية الأردنية.

على المؤسسات التعليمية والثقافية أن تضطلع بدور أكبر في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة من خلال تسليط الضوء على تاريخ الأردن وحضارته. المعارض، المحاضرات، والندوات الثقافية يمكن أن تكون أدوات فعالة في هذا السياق.

2. التوثيق العلمي للأماكن الأثرية

تعتبر المواقع الأثرية في الأردن ثروة وطنية يجب حمايتها بكل الوسائل. على الجهات المعنية تكثيف الجهود لتوثيق هذه المواقع بشكل علمي دقيق يُثبت هويتها التاريخية الحقيقية. التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث المحلية والعالمية يمكن أن يعزز من جهود التوثيق ويمنع أي محاولات للتلاعب بالحقائق.

3. التحرك الدبلوماسي والإعلامي

لا بد من استغلال المنابر الدبلوماسية والإعلامية للتصدي لهذه المزاعم. يمكن للأردن أن يطلق حملات دولية تسلط الضوء على حقيقة المزاعم الإسرائيلية وتفضح أهدافها العدوانية. التواصل مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو وتقديم الأدلة العلمية حول هوية المواقع الأثرية الأردنية يمكن أن يكون خطوة فعالة في هذا الاتجاه.

4. تعزيز الوحدة الوطنية

في مواجهة هذه التحديات، يجب أن نكون كشعب أردني صفًا واحدًا. الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في التصدي لأي محاولات تستهدف أمننا واستقرارنا. علينا أن ندرك أن هذه الادعاءات لا تستهدف فقط التاريخ، بل تهدف إلى زعزعة الاستقرار وزرع الفتنة.

5. دور القوات المسلحة الأردنية

القوات المسلحة الأردنية هي الدرع الحامي للوطن، ودورها في الذود عن سيادتنا الوطنية لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يمتد إلى حماية الإرث الثقافي والتاريخي. علينا أن نقف جميعًا خلف قواتنا المسلحة في مواجهة أي تهديد يمس أمننا أو يمس تاريخنا وهويتنا.

رسالة إلى العالم: احترام السيادة الوطنية شرط للسلام

إن احترام السيادة الوطنية للدول هو الأساس لتحقيق السلام في المنطقة. على العالم أن يدرك أن المزاعم الإسرائيلية التي تفتقر إلى أي أساس تاريخي أو قانوني تهدد الاستقرار الإقليمي وتتناقض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي.

الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الواعي، لن يسمح بأي تعدٍ على سيادته أو محاولات لتزييف تاريخه. رسالتنا واضحة: نحن دعاة سلام، لكننا أيضًا دعاة حق وعدالة، ولن نتهاون في الدفاع عن وطننا وهويتنا.

خاتمة

إن المزاعم الإسرائيلية حول وجود قصر يهودي في تلول الذهب ليست سوى محاولة جديدة لتزييف الحقائق والتعدي على سيادة الدول. التصدي لهذه الادعاءات يتطلب جهدًا وطنيًا متكاملًا يجمع بين التوعية، التوثيق العلمي، التحرك الدبلوماسي، وتعزيز الوحدة الوطنية.

الأردن، الذي يمثل نموذجًا عالميًا في التعايش والسلام، سيبقى قويًا في مواجهة أي محاولات لطمس هويته أو التعدي على ترابه. نحن مؤمنون بعدالة قضيتنا، ومتيقنون بأن الحق سيظل منتصرًا مهما طال الزمن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :