ماذا لو تشابكت أيدي المواطن والإعلام والمسؤول؟! ..
محمود الدباس - ابو الليث
10-01-2025 07:53 PM
في عالمٍ تتسارع فيه الابتكارات.. وتتغير فيه معايير التميز.. نجد أن مفتاح النهضة.. لا يكمن فقط في توفير الموارد المادية.. أو البنية التحتية.. بل في خلق بيئة.. تفجر الطاقات الكامنة لدى الأفراد.. وهذا يتحقق من خلال بناء منظومة شاملة.. تعتمد على الابتكار التشاركي.. كما فعلت فنلندا في نظامها التعليمي.. حين أشركت الطلاب أنفسهم في تصميم المناهج.. التي تحفزهم على التفكير النقدي والإبداعي.. الأمر الذي انعكس على إنتاج جيل من المبدعين.. الذين قادوا نهضة بلادهم في مجالات التكنولوجيا والتعليم.. فلماذا لا نستفيد من هذه التجربة.. لتطوير منظومتنا التعليمية.. بحيث يصبح الطالب شريكاً في صنع مستقبله.. لا متلقياً فقط؟!..
أما على صعيد الاقتصاد.. فإن النظر إلى الإبداع كرافعة للاقتصاد الوطني.. بات ضرورة ملحّة.. ولنا في تجربة سنغافورة درسٌ بالغ الأهمية.. حيث تحولت من دولة فقيرة الموارد.. إلى مركز اقتصادي عالمي.. من خلال دعم "الاقتصاد القائم على المعرفة".. والذي يربط بين الابتكار والاحتياجات الفعلية للسوق.. إن استحداث حاضنات أعمال.. تركز على المشاريع الصغيرة.. القائمة على التكنولوجيا الخضراء.. أو الذكاء الاصطناعي.. يمكن أن يكون بداية لمسار جديد.. يضع الأردن في مصاف الدول المتقدمة.. مع التركيز على بناء شراكات بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية.. لتحويل الأفكار إلى منتجات وخدمات.. تنافس في الأسواق العالمية..
أما دور المواطنين.. فهو القلب النابض لأي حركة تغيير.. ماذا لو تحولت المبادرات الفردية.. إلى حراك جماعي منظم؟!.. تخيل لو أن كل حي.. أو مدينة.. أطلقت مشروعاً مجتمعياً صغيراً.. مثل ورشة لتعليم الحرف اليدوية.. أو منصة لتبادل المعرفة.. هذه المبادرات لا تحتاج إلى تمويل ضخم.. بل تحتاج إلى إرادة جماعية.. وشعور بالمسؤولية.. وهذا ما رأيناه في دول كالهند.. حيث نجحت مجتمعات محلية.. في بناء مدارس ومراكز صحية.. من موارد بسيطة.. بفضل التعاون والمثابرة.. هنا يكمن سر قوة المواطن في قدرته على تغيير الواقع.. من الأسفل إلى الأعلى..
وأما الإعلام.. فهو المرآة التي تعكس هذا الحراك وتدعمه.. لكن الدور الحقيقي للإعلام.. لا يتوقف عند التغطية فقط.. بل يمتد إلى توجيه الرسائل.. وإشعال الحماسة.. لماذا لا يكون لدينا برامج تفاعلية.. تُشرك المواطنين مباشرة في طرح أفكارهم؟!.. أو منصات إعلامية.. تحتضن المبدعين.. وتروج لإبداعاتهم.. في الداخل والخارج؟!.. فالإعلام هو القادر على تحويل الجهود الفردية.. إلى قصص نجاح جماعية.. تبث الأمل.. وتُشعل شرارة التغيير في نفوس الجميع..
إذا تشابكت أيدي المواطن.. مع الإعلام والمسؤول.. فإن الحلم الأردني.. يمكن أن يصبح واقعاً.. لا بالمنافسة فقط.. بل بالإبداع.. والشراكة الحقيقية.. لأن النهضة ليست مهمة فرد.. أو مؤسسة.. بل هي مسؤولية جماعية.. تبدأ بفكرة صغيرة.. وتكبر عندما نؤمن جميعاً.. بأن لنا دوراً فاعلاً في بناء هذا الوطن..