ياغي يكتب: سلطة الاختصاص والقرار المُنعدم
المحامي مصطفى ياغي
10-01-2025 05:52 PM
للوهلة الاولى فان هذا العنوان لا يلفت انتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعي وصُناع المحتوى على اختلاف مستوياتهم ، ولكنه بالضرورة مُهم لطلاب القانون والمهتمين بالشأن السياسي والبرلماني ، ذلك ان القرار الذي قام مجلس النواب العشرون بالتصويت عليه في جلسة الخميس الموافق 9 / 1 / 2025 حول تشكيل لجنة تحقق في ما يسمى ب( شبة فساد مالي واداري في شركة مناجم الفوسفات المساهمة العامة ) يثير تساؤلاً مهماً حول مشروعية هذا القرار واثاره من جهة وفيما اذا كان صادراً عن سلطة مختصة باصداره إبتداءاً ام لا
ولتسليط الضوء على قانونية هذا القرار وآثاره فلا بد لنا من التفريق بين نوعين من القرارات التي تصدر عن جهة الادارة المكلفة باصداره:
1- القرار الباطل 2- والقرار المُنعدم
أولاً : القرار الباطل
ذلك ان القرار الباطل هو ذلك القرار الذي يصدر عن الجهة المختصة باصداره لكنه يحتوي على عيب يجعله غير مشروع الا انه يبقى موجوداً من الناحية القانونية ويمكن الطعن عليه وإلغاؤه من قبل المحكمة المختصة ومثال ذلك ان يصدر القرار مشوباً بعيب مخالفة القانون بشكل جزئي او كلي او مشوباً بعيب في الشكل او الاجراءات الواجبة الاتباع او مشوباً بعيب الانحراف في استخدام السلطة وفي هذه الحالة وعلى الرغم من صدور القرار على هذا النحو ( الباطل) الا انه يظل منتجاً لاثاره القانونية الى ان يتم الطعن عليه امام المحاكم المختصة بهدف الغاءه وتقرير بطلانه.
ثانياً: القرار المُنعدم
اما القرار المنُعدم فهو ذلك القرار الذي يعاني من عيب جسيم يجعله منعدم الاثر قانوناً وكأنه لم يصدر من الاساس ومثاله صدوره عن جهة غير مختصة أصلاً باصداره او ان يكون مشوباً بانعدام الركن الاساسي الذي يتطلبه كانعدام سببه او محله ، او صدوره من غير سلطة ادارية ( كما هو الحال بالقرار محل البحث ) ، وبذلك فان صدور مثل هذا القرار مشوباً باي مما ذكر يحعل منه منُعدماً لا يرتب اي اثر قانوني في مواجهة من صدر ضده كما انه لا يحتاج الى الطعن عليه امام القضاء لاثبات انعدامه حتى وان قرر المشرع أجالا للطعن عليه إذ يمكن الدفع بحالة الانعدام هذه في اي وقت كما لا تسري عليه مواعيد السقوط والتقادم باعتباره منُعدم أصلاً.
وبذلك يمكننا تلخيص الفرق بين القرار الباطل والقرار المُنعدم في ان الاول يكمن في درجة العيب واثارة القانونية باعتبار ان البطلان في هذه الحالة نسبي ويحتاج الى تدخل القضاء لتقريره في حين ان الثاني هو قرار مُنعدم والانعدام فيه مطلق ويعتبر كأن لم يكن .
وبالعودة الى قرار مجلس النواب مدار البحث فانه برأينا صادر عن سلطة غير مختصة أصلاً باصداره كما ان فيه تعدي على مبدأ الفصل بين السلطات باعتبار ان الشركة محله ليست من اشخاص القانون العام ولا تخضع لرقابة وسلطة مجلس النواب وكان على المجلس او احد اعضاءه في حال وصول العلم لديه بوجود شهبات فساد مالي او اداري تقديم الاخبار للمدعي العام او هيئة مكافحة الفساد للتحقيق بشأنها وجمع البيانات والاستدلالات عليها واحالتها للمحكمة المختصة في حال ثبوتها