إعدام مشروع الدولة الفلسطينية وطرح الوطن البديل
قاسم العواقلة
10-01-2025 04:18 PM
ليس من العبث ما نسمعه كل يوم من تصريحات متطرفة صادرة عن مسؤولين اسرائيليين او جهات محسوبة على الحكومة حول مستقبل المنطقة وانها اللاعب الأول لإعادة رسم المنطقة ضمن الحسابات التي تخدمها فقط، متجاهلة وجود دولا وشعوبا لها تاريخها وتسير في بناء مستقبلها، ومرخية إسرائيل اعصابها ومستعرضه لعضلاتها ومستندة الى الدعم الغربي المطلق لسياساتها وافعالها واخرها خرائط المنطقة الجديدة التي تشمل احتلالها لمساحات واسعة على حساب دول المنطقة.
وبالنظر الى هذه التصريحات وما تفعله على الأرض فأنها تتبنى مشروعين ذات خطورة على مستقبل الأردن وعلى القضية الفلسطينية:
وهما:الأول: تحقيق حلم توسيع الدولة على حساب الأردن وسوريا ولبنان والعراق .
والثاني: تهجير الفلسطينيين الى الأردن كوطن بديل .
ولكن كيف يمكن التوفيق ما بين المشروعين باحتلال الدول المجاورة "حلم الدولة والتهجير" فهل ستعود إسرائيل الى مقارعة الفلسطينيين المهجرين الى الوطن البديل؟ وهل هي قادرة على مقارعة اسود الاردن الذين سينقضون على عدوهم لحماية وطنهم؟ ولو افترضنا بأن ذلك قد تحقق لا قدر الله فهل لديها الإمكانيات والقدرات على فرض سيطرتها على مساحات شاسعة وشعوب لن تقف صامته على سلب اوطانها منها ؟.
ولذلك فيبدو وللوهلة الأولى بأن المشروعين متناقضين الا انه وبالتمعن اكثر بالفكر المتطرف وبنهجه عبر السنوات الماضية يتضح بان التزامن في طرحهما هو ان احدهما يخدم الاخر.
وبربط التطورات التي حدثت منذ طوفان الأقصى وتتبع السلوك السياسي والعسكري الاسرائيلي منذ اليوم الأول لحرب الإبادة، فيتضح بان هنالك مشروعان معدان مسبقا وكانت إسرائيل تنتظر اية فرصه لانتهازها وتبدأ بالخطوات الميدانية لتنفيذ احدهما فاقتنصت عملية طوفان الأقصى باعتبارها التنفيذ الميداني لإعدام مشروع الدولة الفلسطينية ، ثم التسخين في الضفة وتحضيرها للضم ،ووجدت من مناوشات حزب الله "غير المقنعة" الفرصة لتنفيذ الجزء الاخر من خطة التوسع والتمهيد للوطن البديل وما فعلته في سوريا واحتلال جبل الشيخ والجولان كاملا هو الحلقة الأخرى من هذه السلسلة ولكنها ليست الاخيرة .
فهل ستتوغل اكثر الى الشرق ثم تلتف الى الجنوب حتى تحكم السيطرة على الدول المحيطة بالأردن ؟ سواء عسكريا او باتفاقيات التطبيع؟ وكعادة الاحتلال فإنه يشغل الاخرين بعدة أزمات ليحقق أهدافا قد تكون غير مرئية للاخرين ، فالخلاصة : ان المشروع القادم هو تنفيذ مشروع الوطن البديل وما قامت به من حروب خلال الفترة الاخيرة هي الخطوات التمهيدية الميدانية لتنفيذ هذا المشروع .
والى الذين يراهنون على الخلافات الداخلية الاسرائيلية وانعكاساتها الإيجابية على قضايا المنطقة فهم واهمون، فليقرأوا تاريخ الاحتلال ليجدوا ان كل تاثيراتها كانت سلبية على قضايا المنطقة وتصدير خلافاتهم وبقسوه الى الفلسطينيين، فاذا اختلف اليمين مع اليسا ر والمواطن مع الحكومة فانهم متفقون على فكرة استمرار الدولة وخدمتها فالمظاهرات ضد "النتن" بدأت قبل الحرب على غزة واستمرت ، الا انه قام بتوسعة حروبه في المنطقة.
وقد اثبتت قرارات الحكومات الاسرائيلية ومنذ سنوات ببناء المستوطنات في الضفة وما تقوم به من توسعة خدمات البنية التحتية بما يخدم المستوطنات والحروب والتهجير بعدم تأثير الخلافات الداخلية "ولغاية الان على الاقل "على سياسات الحكومات المتعاقبة بالرغم من وجود المشاكل الاقتصادية والهجرة المعاكسة للأسرائيليين .
أما الأردن وشعبه فلنتجهز للدفاع عنه فليس هنالك مكان للمتخاذل او الانهزامي لمواجهة مخططات أعدائه لمستقبل هذا الوطن .كما ان الاشقاء الفلسطينين لن يقبلوا بوطنا بديلا غير فلسطين.
* قاسم العواقله /باحث أمني وسياسي.