لبناء دولة عصرية في سوريا: التغيير في الجوهر لا الجلد
م. وائل سامي السماعين
10-01-2025 03:15 PM
الجوهر يشير إلى التغيرات العميقة في نظام الحكم، الثقافة السياسية، الهيكل الاقتصادي والاجتماعي، وقيم المجتمع. بينما الجلد يمثل المظاهر الخارجية مثل تغيير الأشخاص أو الواجهات السياسية دون إحداث تغيير حقيقي في الأسس. فالتغير في الجوهر يعكس الحلول الجذرية وهو يتطلب إعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، بما يشمل المساواة، العدالة، والشفافية وكذلك الى معالجة الأسباب العميقة للصراع مثل الفساد، القمع، وعدم تكافؤ الفرص.
واما تغير الجلد فهو عبارة عن استبدال شخصيات أو إدارات دون تغيير السياسات أو المنظومة الحاكمة مما يؤدي إلى استمرار نفس المشكلات. فالتغييرات السطحية قد تعطي انطباعًا مؤقتًا بالإصلاح، لكنها لا تصمد أمام التحديات.
فالتاريخ يشير الى ان سوريا مرت بتغيرات في الجلد على مر العقود، لكن النظام الأساسي بقي على حاله دون تحول جذري في السياسات أو طريقة الحكم. واما المطلوب اليوم هو تغير جوهري يشمل إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة تعيد بناء الثقة بين المواطنين والدولة، وتفتح المجال أمام مشاركة الجميع في تقرير مصيرهم. فتغير الجلد هو تغيير سطحي قد يكون مقبول في البداية ، لكنه بلا تغيير جوهري سيظل مجرد إصلاح مؤقت أو قناع يخفي الجروح العميقة.
محاور التغيير الجوهري لبناء دولة حديثة في سوريا
1. تشكيل لجنة وطنية للإصلاحات:
o تضم ممثلين عن كافة الأطياف السياسية والاجتماعية لضمان التوافق الوطني حول مسار الإصلاحات.
2. وضع جدول زمني واضح:
o تحديد مواعيد محددة للإصلاحات الدستورية، السياسية، والاقتصادية، مع آليات رقابة وتنفيذ شفافة.
3. تعديل دستوري مؤقت وعاجل:
o إجراء تعديلات فورية على بعض بنود الدستور لضمان تداول السلطة المدنية، بما يبدد المخاوف المحلية والدولية ويؤسس لمرحلة انتقالية مستقرة.
4. احترام الحريات الدينية:
o ضمان حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية دون تدخل من الدولة أو تأثير سياسي.
5. إرساء دولة مدنية:
o التركيز على المواطنة المتساوية للجميع، وتطبيق مبدأ المساواة أمام القانون بغض النظر عن الدين أو العرق أو الانتماء السياسي.
6. تنفيذ النصوص الدستورية عملياً:
o تحويل المبادئ الدستورية إلى سياسات وبرامج فعّالة تضمن العدالة والمساواة.
7. تمكين الشباب والمرأة:
o تعزيز مشاركتهم في عملية صنع القرار وإعطائهم أدواراً رئيسية في بناء المستقبل.
8. إصلاح النظام التعليمي:
o تطوير نظام تعليمي حديث يعزز التفكير النقد, قيم المساواة.
9. اعتماد ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان:
o اتخاذ الميثاق كمرجعية رئيسية لحقوق الإنسان السوري، مع تعديل القوانين والأنظمة المحلية لتتوافق مع معاييره.
10. سيادة القانون:
o إصلاح القضاء لضمان استقلاله الكامل عن السلطة التنفيذية وتحقيق العدالة الناجزة.
11. إشراف دولي:
o الاستعانة بخبراء من الأمم المتحدة لضمان نزاهة عملية الانتقال السياسي ودعم تنفيذ الإصلاحات، بما يسهم في تسهيل تدفق المساعدات الدولية وتعزيز الثقة المحلية والدولية في مستقبل البلاد.
الهدف النهائي:
إحداث تغيير حقيقي ومستدام يعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، ويضع سوريا على طريق الاستقرار والتنمية، مع ضمان أن تكون الدولة الجديدة متوافقة مع المعايير الدولية في الحوكمة واحترام حقوق الإنسان.
waelsamain@gmail.com