تعديلات مغربية مرتقبة على"مدونة الأسرة"
د. آمال جبور
09-01-2025 05:37 PM
أثارت تعديلات مقترحة تطال "مدونة الاسرة" في المغرب التي اقرت منذ عام 2004 و تشمل القوانين التي تنظم( الزواج والطلاق والنفقة والحضانة والحقوق الزوجية بشكل عام) أثارت جدلا واسعا في اوساط المجتمع المغربي بعد إعلان وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية عنها قبل ايام في اوساط المجتع المغربي، و بينما اعتبرها البعض خطوة مهمة نحو مزيدا من تحقيق العدالة والمساواة ، رأى الاخر فيها تهديدا لقيم للأسرة التقليدية المغربية.
وبعد سنوات من مطالبات لجمعيات نسائية وحقوقية بإدخال إصلاحات على المدونة بما يتماشى مع التطورات الاجتماعية، وجه ملك المغرب محمد السادس عام 2023، الحكومة لإعادة النظر في "مدونة الأسرة" التي تكتسب اهمية في تنظيم العلاقات الأسرية وحماية حقوق الأفراد، فجاءت المقترحات اخيرا ل 139 تعديلا، بناءا على مقترحات الهيئة المكلفة ومضمون الرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى المغربي، والتي قام أعضاء من الحكومة بتقديمها أمام الملك محمد السادس.
خلال ترؤسه مؤخرا جلسة عمل خصصت لمراجعة قانون الأسرة، دعيا الملك المجلس العلمي الأعلى إلى مواصلة البحث والاجتهاد في "الإشكالات" المتعلقة بقانون الأسرة، واحالة التعديلات المرتبطة منها بنصوص دينية الى المجلس العلمي الأعلى، باعتباره أعلى هيئة دينية في المغرب، و أن هذه المبادرة الإصلاحيةحسب الرؤية الملكية تستهدف ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهُم الأسرة المغربية، التي تشكل الخلية الأساسية للمجتمع.
هذه المقترحات التي تنتظر نقاشا في البرلمان لحسمها،أثارت ردود افعال متباينة في المجتمع المغربي، وتوسعت دوائر الجدل والنقاش بين وجهة نظر محافظة تدعو إلى التشبث بالمرجعية المحلية ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي المسلم، و الحداثية التي تصر على ضرورة اعتماد المواثيق الدولية ومواكبة المتغيرات الحقوقية.
حيث جاءت أبرز التعديلات المقترحة على.
اولا: تعدد الزوجات
حيث سيتم إلزام الزوج بأخد رأي الزوجة عند توثيق عقد الزواج الثاني، لتحديد ما إذا كانت تشترط عدم الزواج عليها، وفي حال تضمين هذا الشرط في العقد فلا يمكن للزوج التعدد.
وفي حال عدم وجود هذا الشرط، فإن التعدد سيكون مقصورا على حالات استثنائية، مثل إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو مرض يمنع المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى يحددها القاضي وفق معايير قانونية موضوعية.
ثانيا:الحضانة والخطبة
وفيما يتعلق بالحضانة، فقد اقترح التعديل الجديد منحها بشكل مشترك للزوجين أثناء زواجهما، مع إمكانية استمرار هذا الحق بعد الطلاق في حال اتفق الطرفان.
كما تم تعزيز حق الأم المطلقة في حضانة أطفالها، حتى في حال زواجها مجددا، وضمان حقها في سكن المحضون، وفقا لما أعلنه وزير العدل.
وتضمنت التعديلات أيضا تنظيم ضوابط جديدة لزيارة المحضون أو السفر به، بما يضمن مصلحة الطفل.
ومن جانب آخر، تم اقتراح تقليص مدة البت في قضايا الطلاق إلى 6 أشهر كحد أقصى.
كما تنص تعديلات المدونة المقترحة على توثيق الخطبة واعتماد العقد كأداة رئيسية لإثبات الزواج، مع تحديد الحالات الاستثنائية التي يمكن فيها الاستناد إلى سماع دعوى الزيجة.
وفي خطوة أخرى، تم السماح للمغاربة المقيمين في الخارج بعقد الزواج من دون الحاجة لحضور الشاهديْن المسلميْن، وذلك في حالة تعذر حضورهما.
ثالثا: زواج القاصر والإرث
فيما يتعلق بزواج القاصرة،تم تحديد السن القانونية للزواج بـ18 سنة، مع إتاحة استثناء يسمح بالزواج في سن 17 سنة شريطة استيفاء شروط صارمة تهدف إلى ضمان حماية الأطراف المعنية.
أما فيما يتعلق بالإرث، فقد تم "اعتماد مقترح المجلس العلمي الأعلى المتعلق بإرث البنات"، الذي يتيح إمكانية هبة الأموال للوارثات على قيد الحياة، مع اعتبار الحيازة الحكمية كافية.
كما ينص التعديل الجديد على فتح المجال أمام الوصية والهبة بين الزوجين في حالات اختلاف الديانة.
وتعتبرمراجعة مدونة الأسرة لشريحة واسعة من المجتمع المغربي خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والتحديث التشريعي، لانها تهدف إلى تعزيز استقرار الأسرة وصون حقوق جميع أفرادها سواء (المرأة ، الرجل، والابناء) فهذه المراجعة تبسط من جانب اجراءات الزواج وتعمل على تحسين البنية التحتية القضائية المتعلقة بقضايا الأسرة،وتقدم بدائل قانونية مبتكرة لحل النزاعات الأسرية بطرق ودية، مما يقلل من الضغط على المحاكم ويساهم في تقليل التوتر بين الأطراف.
بالاضافة الى تطوير نظام الطلاق الاتفاقي، وإمكانية توثيق الطلاق بشكل ودي أمام العدول دون الحاجة إلى المرور بإجراءات قضائية معقدة، ما يسهل إنهاء العلاقة الزوجية برضى الطرفين.
هذه التعديلات تمثل تقدماً كبيراً في تعزيز استقرار الأسرة المغربية وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة وإنصافاً حسب حقوقيين وقانونيين من المجتمع المغربي.