تحسين ايرادات الموازنة 2025
د.أسمهان ماجد الطاهر
09-01-2025 03:27 PM
يواصل مجلس النواب جلساته لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، وذلك ضمن الدورة العادية، للسنة المالية 2025.
والمتتبع لواقع الحال سيلاحظ انه لم يتم اعتماد رؤية جديدة لإعادة هندسة الموازنة العامة.
لقد كنت قد كتبت في مقال سابق عن اهمية ملف النظام المالي في عمل حكومة دولة الدكتور جعفر حسان. حيث ترتبط الموازنة العامة، والنظام المالي ارتباطًا وثيقًا، فمهمة النظام المالي توفير القنوات اللازمة للتمويل والاستثمار والاستقرار المالي.
وعادة ما تحدد موازنة الحكومة، الإيرادات المخطط لها، كما تقدر قيمة النفقات والتكاليف التشغيلية للخدمات العامة والبنية الأساسية والدفاع وما إلى ذلك.
وفي ظل الظروف الراهنة، والتحديات السياسية يعتبر ضبط الإنفاق و التركيز على زيادة الإيرادات الحكومية، هو الأهم، ويجب تحقيق ذلك من خلال تحسين كفاءة تحصيل الضرائب وليس زيادتها، عن طريق مكافحة التهرب الضريبي للسنوات السابقة.
إن تنويع مصادر الإيرادات الحكومية، وتحسين جودة إدارة الموارد الطبيعية، من الموارد المعدنية، ورواسب الفوسفات والبوتاس والحجر الجيري والرخام بالإضافة إلى الدولوميت والكاولين والملح ، وضمان استخراج القيمة المضافة منها مع تقليل الضرر البيئي، هو ما يعول عليه في تحقيق التنمية الاقتصادية .
لقد وجه قائد البلاد الملك عبدالله الثاني الحكومة إلى تركيز الاهتمام بقطاع التكنولوجيا كمحرك أساسي للاقتصاد، مشيرا إلى أنه التحدي الأهم ، ومعيار النجاح للتنمية.
دعوة القائد للحكومة تحمل في طياتها الدعوة إلى مزيدا من التركيز على تطوير عملية التحول نحو الاقتصاد الرقمي، من خلال تحسين كفاءة التطبيقات الرقمية الذكية.
ان الاهتمام بقطاع التكنولوجيا يتضمن متابعة الحكومة لكل ما هو متعلق بشأن التمويل الجماعي للأسهم، أو الإقراض من نظير إلى نظير، أو المنصات القائمة على التبرعات لضمان الشفافية وحماية المستثمرين.
ولابد من الإشارة إلى ضرورة اعادة النظر في الإطار القانوني والتنظيمي للقطاعات المالية الرقمية الناشئة. ويشمل ذلك الإشراف على الصناعات والأسواق والسلع والأدوات الرقمية الجديدة التي زادت قيمتها ودورها في الاقتصاد، مع الحفاظ على سلامة عمل الشركات بشفافية وإنصاف وضمن القانون.
أن التكنولوجيا المالية الحديثة FinTech والشركات التكنولوجيا المالية، التي تتحدى الشركات التقليدية الأقل اعتمادًا على البرمجيات، تحولت إلى قطاع متنامٍ، ويجب على الحكومة مواصلة جهودها في تنظم العمل به بشكل يضمن حماية منظومة الابتكارات الرقمية الحديثة مثل المستشارين الآليين لحماية المستهلك والخصوصية والاستقرار المالي.
ان زيادة الإيرادات من خلال تعزيز الابتكار، وزيادة الكفاءة التشغيلية في الصناديق التنظيمية، التي تشجع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية وغيرها من المشاريع المالية الجديدة في بيئة خاضعة للرقابة مع تسهيلات ائتمانية حتى لو مؤقتة ، هو ما يخلق فرص استثمارية جديدة ، واعدة ومبتكرة ويسهم في تشجيع ريادة الأعمال.
ومن الاهمية بمكان وضع تدابير للسيولة والمخاطر النظامية وحماية المستثمرين، من خلال الخدمات المصرفية الرقمية والتأمينات قليلة التكلفة الاجمالية، لتحقيق تطوير ملحوظ، وخلق إطار قوي وفعال يشجع الابتكار ويجذب الاستثمار ويضمن الاستقرار المالي والامتثال للمعايير الدولية.
النهج التنظيمي السليم في عصرنا الحالي هو ما يساعد الأردن على التكيف مع الاتجاهات المالية العالمية الجديدة، ويعزز قدرته التنافسية في المنطقة، وهو ما يضمن تحقيق النمو في الإيرادات العامة التي تمثل دائما التحدي الأكبر للوضع للاقتصادي.
اضافة إلى ما سبق فإن استمرارية الحكومة في تنفيذ استراتيجية تشجيع الاستثمار الأخضر ، من خلال العمل بشكل مباشر على لوائح الأسواق الناشئة للاستثمار الأخضر المتنامي، قد يخلق فرص استثمارية جديدة، وهو ما وجه له قائد البلاد بخصوص الاستثمار وجذب المستثمرون الجدد وتعزيز الاستدامة.
أن الجمع بين الاقتصاد الرقمي والتقليدي،وقدرة الحكومة على تنويع مصادر إيراداتها، هو التحدي الأساسي الذي تواجهه الموازنة العامة لعام 2025.
ونجاح الحكومة بجذب الاستثمارات سيرفع نسبة النمو في الإيرادات، ويضمن تقليل المخاطر الاقتصادية، وردود الفعل السياسية والاجتماعية السلبية التي غالبًا ما تظهر نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة والبطالة المرتفعة.
حمى الله الأردن
a_altaher68@hotmail.com