موقعتا ذات الصواني وذات الصواري
د.خليل ابوسليم
09-01-2025 12:37 PM
موضوعان استحوذا على اهتمامات الاردنيين خلال الاسبوع المنصرم ونالت النصيب الاكبر من اهتماماتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
الاول: البندورة والذي تناول مقابلة سيدة فاضلة – لا اعرفها – على احدى المحطات الاردنية والتي اشارت فيها الى ان جدها هو من ادخل زراعة البندورة الى الاردن.
الى هنا الامر طبيعي جدا، لكن ما هو غير الطبيعي ان يتسابق الاردنيون وبنوع من السخرية وصلت حد التنابز والتناحر عدا عن التفاخر بكونهم اصل البلاد والعباد، هذا الموضوع كشفت عن عنصرية بغيضة نجح المستعمر في ارساء دعائمها بين مكونات الشعب الاردني.
الامر قد يعد مقبولا على مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لانه يحوي الكثير من المشتركين وجزء كبير منهم لا يحمل ادنى مكونات الفكر والثقافة وان كان يدعيها، لكن ان يصل الامر بأحد كتاب الاعمدة لان يطالب باتخاذ موقف صارم تجاه تلك السيدة وعدم السماح بمرور تلك الواقعة مرور الكرام باعتبارها دمرت تاريخ الاردن ونالت منه اكثر مما ناله من اعداء الوطن، فلعمري هذا قمة التخلف والانحدار والرجعية والسطحية.
واربأ بنفسي ان انزلق الى هذا المستوى بتناول او الاشارة الى العديد من التعليقات المقززة التي كشفت عن وجه بغيض لدى غالبية المعلقين على تلك المقابلة، لكن لا بد من التنويه الى ان تلك السيدة الفاضلة وكما علمت، هي من اصول ارمنية وليس كما غمز البعض من جانبها، وقد روت السيدة تلك الحادثة وحسب ما تتذكر وتعلم، حيث كانت ذلك الوقت في مقتبل العمر وهذا هو حد معرفتها ذلك الوقت، وقد يكون هذا الامر صحيحا حسب ما تعلم وقد يكون غير ذلك، وفي كلا الحالين لا ينتقص ذلك من تاريخ هذا البلد.
المحزن والمخزي في آن معا ان نقفز عن امور جسام واخطار محدقة تعصف بالوطن من الداخل والخارج، وننساق خلف توافه الامور، فهذا تسطيح ما بعده تسطيح، وتشرذم لا قبله والقادم بعده ليس بافضل منه، وهذا الشعب الذي يتغنى بقول رسولنا الكريم: "دعوها فانها منتنة"، يبادر البعض منهم الى تبني كل الطرق التي تؤدي الى الفتنة والنتانة بعينها، وحدث سطحي كهذا يكشف عن شيزوفرينيا يعيشها المواطن الاردني ذو الاصول الشرقية تحديدا.
ما كنت ارغب في الخوض بهذا الاتجاه لولا انني وجدت كاتب يغمز بهذا الاتجاه، وهو الذي يحرص – كما يدعي - على الوحدة واللحمة الوطنية والفضيلة ويعتبر نفسه من قادة الرأي والفكر في البلد، لكن يبدو انه في لحظة حماسة طائشة تناسى انه صاحب راي مثلما تناسى انه يدعو الى الفضيلة، لدرجة انه طالب بالتحرك مؤسسيا للوقوف بوجه تلك الممارسات، وهذا غير مستغرب منه وهو المعروف باستعدائه لكل من يخالفه الراي، وقد ذهب ذات مقال الى محاسبة مكون من مكونات الوطن الذي حصد اكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب لمجرد مخالفته لهم.
أما الموضوع الثاني: الرواتب والمكافآت التي يتقاضاها رئيس مجلس ادارة الفوسفات والموثقة بالتقارير السنوية للشركة نفسها، في الوقت الذي يئن فيه المواطن تحت وطأة الجوع والفقر والبطالة.
الفوسفات، تلك الشركة التي سببت صداعا للحكومات جميعها بما فيها حكومة حسان، منذ ان تم خصخصة تلك الشركة العملاقة واصبحت تحت قبضة المستثمر الاجنبي.
فتحت موقعة الفوسفات هذه، شهية الكثيرين من ابناء الشعب الأردني مثلما اثارت العديد من جبهات المناكفة بما فيها جبهة مجلس النواب الذين طلبوا على استحياء بتشكيل لجنة تحقق مما يجري في الفوسفات، وبدوره قام رئيس مجلس الادارة بتحويل الملف الى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، متوعدا في الوقت نفسه بالاحتفاظ بحقه القانوني لكل من تطاول عليه خارج نطاق عمله.
لذلك ارغب ان ابعث برسالة اطمئنان الى معالي رئيس مجلس الادارة بان يضع يديه ورجليه في ماء بارد وان يضع في بطنه بطيخة صيفي وحتى لا يساء فمهي بهذه النقطة فان مبعث اطمئناني يعود الى امرين:
الاول: ان كافة الممارسات التي مارسها رئيس مجلس الادارة كانت بموجب القانون الذي يتيح ذلك، وهذه نقطة عوار في التشريع القانوني والذي سبق واشرنا مرارا الى ان الامر في البلد مقونن.
الثاني: ان مجلس النواب العتيد لم يسبق وان اطاح بمسؤول من العيار الثقيل بتهمة حتى لو كانت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وخير دليل على ذلك قضية الكازينو، سكن كريم لعيش كريم، وشركة امنية وغيرها من القضايا التي لا مجال لحصرها.