مؤشرات مقلقة من قاعات مجالس الإدارة
رامي خريسات
09-01-2025 12:08 PM
كثيرون من هم أعضاء مجالس إدارة في شركات مساهمة عامة، أو خاصة، أو عائلية، أو جهات حكومية، أو صناديق، أو مجالس أمناء وغيرها، ويهمهم المساهمة الإيجابية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية. لذلك، من المهم الالتفات إلى أجواء اجتماعات مجلس الإدارة حيث سأسلط الضوء على مواطن الضعف لتجنبها.
أحد أبرز مؤشرات الضعف هو الافتقار إلى التحضير الجيد للاجتماعات بما لا يقل عن 8 إلى 12 ساعة موزعة على عدة أيام، وذلك وفقًا لتوصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والتركيز على الشكل لا المضمون. كما يظهر ضعف الأداء عند الاعتماد بشكل كبير على المعلومات الداخلية دون الرجوع إلى مصادر خارجية، وتهميش الآراء المخالفة والخوف من التعبير عن الرأي في ظل غياب النقاش الحر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود أوراق عمل واضحة وموجزة تدعم النقاش، والإفراط في المسائل التشغيلية بدلًا من التركيز على القضايا الاستراتيجية، وعدم وجود تنوع في الخبرات والآراء بين أعضاء المجلس، مع التركيز المفرط على الأهداف قصيرة الأجل وإهمال الرؤية الطويلة الأمد للشركة، كلها مؤشرات تدعو للقلق.
من مؤشرات الخلل أيضًا عدم تخصيص الوقت الكافي للقضايا الحساسة والاستراتيجية، والضغط لتجاوز جدول الأعمال بسرعة دون تمحيص، وتبرير القرارات السيئة بدلاً من معالجتها. كما تبرز هيمنة ثقافة الموافقة على المطروح مع غياب فرصة النقد البناء وغياب الأصوات المعارضة، مع تهميش الرؤى المتنوعة وعدم الاستفادة من آراء الأطراف الثالثة.
تتسم المجالس الضعيفة بغياب ثقافة الانفتاح والثقة، ومن المؤشرات السلبية وجود قوى تعيق العمل الجماعي وغياب مدونة سلوك محدثة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصاعد الشكاوى وغياب الانخراط الفعلي لأعضاء المجلس، والاعتماد المفرط على توصيات الرئيس التنفيذي دون تمحيص، كلها علامات استفهام حول فعالية المجلس.
وفقًا لأحدث توجهات الحوكمة، أصبح من الضروري تضمين مؤشرات قياس الأداء غير المالية في تقييم مجالس الإدارة، مثل مدى الالتزام بالاستدامة والمسؤولية الاجتماعية.
كما أصبح من الأهمية ضرورة الحد من حالات تضارب المصالح، وخاصة في الشركات الحكومية عندما تتكثف الملكية لدرجة تمنح المجلس نفوذًا يمكنه من تخصيص مزايا لنفسه مبالغ فيها تصل أحيانًا إلى مئات أضعاف المكافأة المنصوص عليها في قانون الشركات تحت مسمى البدلات والامتيازات المالية الأخرى. ولولا تطبيق مبادئ الحوكمة والإفصاح والهيئات الرقابية لبقيت هذه المعلومات بعيدة عن نظر العامة.
لذلك، فإن الثقة في الحكومة بنزاهتها وحماستها ستصب في صالح التصويب والتقييم الدقيق لمجالس الإدارة، وبالتالي اتخاذ قرارات مستنيرة عند اختيار الأعضاء، وهذا يتأتى من خلال الفصل الواضح بين الأدوار التنفيذية والإشرافية، حيث يُفترض أن يكون رئيس مجلس الإدارة غير تنفيذي باستثناء حالات نادرة، مع ضرورة وجود آليات واضحة للمساءلة، وضمان تقديم مصالح الشركة على المصالح الشخصية، والحرص على المال العام.
"الغد"