يشكل هاجس الأمن والتوسع الاستيطاني عصب الزاوية في رسم استراتيجيات المستقبل والحاضر لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وما حدث في العالم العربي من تغيرات سريعة ومتواصلة، يجعل "إسرائيل" في حالة من الترقب الشديد والحذر حيال علاقاتها في المنطقة، ومستقبل وجودها. ولعل ما عبر به دوري غولد، سفير "إسرائيل" السابق في الأمم المتحدة والذي رافق نتنياهو إلى واشنطن كمستشار، يؤكد حجم القلق الذي يعتري الكيان الصهيوني، والتهافت الكبير على الاستيطان لتحقيق الأمن.
يقول غولد "لا يمكن أن تستند إسرائيل إلى لقطة من واقع العام 2011. لا أحد يستطيع أن يضمن لإسرائيل أي أنظمة ستكون إلى الشرق منها خلال خمسة أعوام". ووصلت عروض الأراضي الفلسطينية السابقة لإسرائيل إلى نسب تقل عن عشرة في المئة من الضفة الغربية، ويقول غولد إنها كافية للاحتفاظ بالمستوطنات، لكنها لا تكفي للحفاظ على الأمن القومي. وللإجابة عن سؤال: كم قد يتطلب هذا؟ يرفض غولد، على غرار مسؤولين آخرين، التحدث بالأرقام، وهو يقول إن تعويض الفلسطينيين سيكون صعبا جدا على إسرائيل. وأضاف "سيتعين الاقتطاع من اللحم الحي لإسرائيل من طرقها والمزارع التعاونية والقواعد العسكرية".
ونتيجة لتلك الهواجس الأمنية، ارتفع عدد المنازل الفلسطينية التي هدمتها سلطات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية في الشهور الماضية ثلاثة أضعاف، وفقاً لمنظمة "الأونروا". وقد هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية 176 مبنى فلسطينياً، وشردت 333 شخصاً، بينهم 154 طفلاً في الفترة القليلة الماضية. ومن المفترض أن تكون الضفة الغربية المحتلة هي المكان الذي سوف تتأسس الدولة الفلسطينية المستقبلية فيه، ولكن يجري تخفيض قدرتها على البقاء مع كل عملية هدم. كما بلغ عدد الفلسطينيين الذين شردتهم عمليات الهدم رقماً شهرياً قياسياً، وفقاً للأونروا، بعد تضرر 158 شخصاً في آذار (مارس) الماضي، مقارنة بـ105 أشخاص في شباط (فبراير) الماضي.
وقد كشف تحقيق يعتبر الأكبر من نوعه بشأن المشروع الاستيطاني (وتحديداً قيمة المستوطنات) في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، أعده "مركز ماكرو للاقتصاد والسياسة" بطلب من الحكومة الإسرائيلية السابقة، أن قيمة المستوطنات الثابتة، وعددها 123 مستوطنة (باستثناء البؤر الاستيطانية العشوائية)، بلغت بحلول الشهور الماضية 18 بليوناً و793 مليون دولار، وهي قيمة عشرات آلاف البيوت وعقارات مختلفة، خصوصاً الممتلكات العامة.
ويتزامن هذا التقرير مع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في واشنطن أن الحل الدائم سيبقي مستوطنات خارج إسرائيل (في إشارة إلى مستوطنات نائية مزروعة في قلب الضفة الغربية). ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الغرض الرئيس من طلب هذا التحقيق من جانب حكومة إيهود اولمرت قبل ثلاث سنوات، هو إعداد القاعدة الاقتصادية لـ"قانون الإخلاء والتعويض" استعداداً لسيناريو متوقع في المستقبل لإخلاء مستوطنات أو تبادل أراض!
jihad.almheisen@alghad.jo
(الغد)