مطبات الدم وتهديدات ترامب
ايهاب الدهيسات
08-01-2025 07:10 PM
هناك ظاهرة تُعرف باسم "مطبات الدم"، وهي مطبات غير قانونية يشيدها الناس بعد وقوع حادثة دموية أليمة، الغرب يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى تلك الظاهرة التي تمثل محاولة بدائية لتجنب تكرار المأساة، عبور مثل هذه المطبات غالباً ما ينتهي بتوجيه اللعنات إلى المجهول، يبدو أن الغضب ناتج عن احتكاك المركبة بالأرض، لكن الحقيقة أعمق؛ فاللعنات تنصبّ على الظروف التي أدت إلى الحادثة، الناس يعيشون اللحظة ولا يفكرون بما حدث قبلها أو كيف يمكن معالجة الأسباب.
اليوم وبعد فوزه برئاسة الولايات المتحدة مجددًا، يعود دونالد ترامب إلى الواجهة، لكنه ليس بحاجة لإطلاق وعود جديدة، تهديداته تحمل طابعًا خاصًا، إذ يتم تفسيرها كمحاولة للحصول على ثناء عالمي على حساب إدارة بايدن، خصوصًا فيما يتعلق بأي تطور بملف الرهائن.
هذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها ترامب تهديداته، لكنه هذه المرة يُقرن حديثه بسابقة معروفة، فهو الرئيس الذي لطالما نفذ أقواله في السياسة الخارجية، الجميع يذكر وعده في انتخابات 2016 بالقضاء على داعش وإنهاء الحرب في سوريا، وهو ما نفذه بالفعل الآن، عندما يعيد ترامب تهديداته للمرة الثانية، ويكرر العبارة أربع مرات دون تفصيل، فإنه يرسل إشارة واضحة: الجحيم الذي يهدد به الشرق الأوسط ليس عشوائيًا.
ترامب لا يهدد الشعوب، الرجل معروف بانتقاء أهدافه بدقة، سواء في اغتيال أبو بكر البغدادي أو قاسم سليماني، كانت أفعاله محسوبة ومسبوقة بوعود واضحة، من منا ينسى تغريدته الشهيرة قبل اغتيال سليماني: "إيران ستدفع الثمن إذا هددت سفارتنا في بغداد". لم تتأخر إيران، وتجاوزت الخط الأحمر، فما كان من ترامب إلا أن نفذ وعده.
بالأمس، عندما رفض ترامب توضيح شكل الجحيم الذي يتحدث عنه، ترك كلماته غامضة، لكنها تحمل دلالات خطيرة. العبارة الوحيدة التي قالها "7 أكتوبر حادثة مأساوية، لكنهم ينسونها"، تفتح باب التساؤل حول من يقصد بتهديداته، ومن الذي يشير إليه بالنسيان.
ترامب 2025 ليس كما كان في 2017 هذه المرة، أعلن صراحة عن احترامه لوزير خارجيته السابق مايك بومبيو، لكنه أكد أنه غير مرحب به في إدارته الجديدة، الرسالة هنا واضحة: اللعبة القديمة في الشرق الأوسط انتهت. استغلال ضعف إدراك الرؤساء لقضايا المنطقة لن يُسمح به بعد الآن، ترامب بعد سنوات من التجربة يبدو أكثر نضجًا ووضوحًا، وبالأخص بعدما تعرض هو للإعتقال والتدليس، فأصبح يميز بدقة بين النظام الإنساني والنظام الإرهابي.
في منطقة مليئة بالأيديولوجيات المدمرة، من هجمات سبتمبر 1999 إلى مغامرات إيران حتى دموية 7 أكتوبر، يصر ترامب على أن الشرق الأوسط يحتاج إلى هندسة جديدة. يريد إعادة صياغة قوانين خاصة بالإرهاب، قوانين تمنع الحوادث الدموية وتحمي الشعوب من أيديولوجيات الهدم والتدمير.
ترامب لا يقدم وعودًا فارغة، بل يضع الشرق الأوسط أمام امتحان مصيري: السلام أو الجحيم.