الكبسة التي تُغلِق .. لماذا لا تَفتح؟!
محمود الدباس - ابو الليث
08-01-2025 05:04 PM
في الأردن.. حيث نفاخر الدنيا بكفاءاتنا وعقولنا التي نمتلكها.. نجد أنفسنا أمام مفارقة غريبة.. تكشف تناقضات في أداء بعض المؤسسات الحكومية.. فبينما نعيش في عصر الأتمتة والرقمنة.. وفي بلد يعجّ بالمبرمجين.. والمهندسين القادرين على ابتكار الحلول الذكية لكل معضلة.. نجد أن بعض الإجراءات الحكومية.. لا تزال أسيرة البيروقراطية المعقدة.. والعقوبات غير المعلنة..
خذ على سبيل المثال.. مسألة الحجز على أموال الأفراد والمؤسسات المنقولة وغير المنقولة.. حيث تتم هذه العملية بكل سلاسة.. وسرعة مذهلة.. بكبسة زر واحدة.. تجد حساباتك البنكية مغلقة.. سياراتك ممنوعة من الترخيص او البيع.. وعقاراتك معلّقة بلا تصرف.. وقد يكون السبب.. دينارا أو دينارين فقط.. ولكن عندما يبادر الشخص.. أو المؤسسة لتسوية أوضاعهم.. ودفع ما عليهم.. يتحول المشهد إلى دائرة من التعقيدات التي لا تنتهي.. حيث يُجبرون على التنقل بين البنوك.. ودائرة الأراضي.. والمركبات وغيرها.. لتقديم إثباتات.. وإجراءات لا تليق بحجم ما تم دفعه.. أو ما تم احتجازه..
أليس من المنطقي.. أن تكون الكبسة التي تُغلِق.. هي ذاتها التي تَفتح؟!.. أليس العدل.. أن يتم فك الحجز.. بنفس السهولة.. والسرعة التي تم فيها الحجز؟!.. أم أن هذا التعقيد الإجرائي.. هو عقوبة غير معلنة؟!..
هذه الإشكالية تفتح الباب للتساؤل عن مدى جدية المؤسسات في تبسيط الإجراءات.. وتسهيل حياة المواطن.. ففي بلد يزخر بعباقرة البرمجة.. وقادة التكنولوجيا.. لا يمكن أن نقبل بهذا العجز التقني.. أو التبرير غير المنطقي.. لوجود مثل هذه التعقيدات.. إن الأمر لا يتعلق فقط بإجراء إداري.. بل يرتبط بالثقة بين المواطن والمؤسسات.. وبمفهوم العدالة.. الذي لا يجب أن يتجزأ بين الحق والواجب..
إن تطوير نظام موحد.. لفك الحجوزات بشكل آلي.. بمجرد تسديد المبالغ المستحقة.. ليس تحديا تقنيا بالنسبة لعقولنا الأردنية المبدعة.. بل هو واجب يفرضه العصر.. فالإصرار على إبقاء هذه الإجراءات التقليدية.. دون تحسين.. يضر بسمعة المؤسسات.. ويزيد من إحباط المواطنين.. فهل آن الأوان.. أن نُفعّل هذه الكبسة.. لتكون حلاً لا عقوبة؟!..