عفو عام .. كيف يمكن استثماره؟
سلطان الحطاب
10-06-2011 04:31 AM
الرسالة التي يجب ان يطلقها قانون العفو العام المؤقت والذي جاء مكرمة ملكية يتيحها الدستور هي في احداث مزيد من تخفيف الاحتقان العام الاقتصادي والاجتماعي واعادة تأهيل من يشملهم العفو على قاعدة «عفا الله عما مضى» ولنبدأ فرصة جديدة..والعفو يصيب آثاراً اجتماعية (أعمال العنف الاجتماعي_الجامعي والعشائري وفي القرى والبوادي) حيث سادت في السنوات الثلاث الأخيرة علاقات هجينة في مجتمعنا وعدم قدرة على التكيف انتجت حالة عنف وآثاراً اقتصادية بدت كأعراض للأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على مجتمعنا واصابتها للطبقة الوسطى وتأثيرها المباشر على الشرائح الفقيرة والمعوزة التي عاشت ظروف بطالة وفقدان فرص عمل وكذلك آثار سياسية لبعض القوى التي لم تستطع ان تستوعب الضرورات السياسية للدولة أو كان لها اجتهادات وممارسات خارج القانون وهذه فئة قليلة عبرت عن نفسها بالاحتجاجات والمخالفات واعتقاد أفكار متطرفة وهجينة..
العفو العام هو كذلك من حيث التسمية وهذا ما ذكرته في مقابلتي مع تلفزيون دبي من عمان قبيل المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء ولكن هذه العمومية ليست مطلقة فقد أنيط بالحكومة ورئيس الوزراء مسؤولية قراءة وانفاذ العفو العام على أسس تراعي المصالح الوطنية وتستثني فئات وأنواع من المخالفات والجرائم وتجيز العفو عن أخرى وقد لا يكون هناك تعليل كافي لهذه التوزيعة التي تصاحبها أحياناً قراءة خاصة واجتهاد تراه الحكومة ولذا فإن بعض الجدل سيقع حول الاستثناءات أكثر مما يقع حول فكرة العفو العام على اطلاقها..
العفو العام ظل مطلباً مرتقباً من الكثيرين الذين سيعود عليهم بمنافع أو يوقف عنهم الضرر وطبعا هناك من لا يرغب أن يقوم العفو العام أصلاً باعتبار أن العدالة متوفرة وأنه يكافيء المخالفين أو يعفو عنهم ولكن هذا الفهم يبقى نظرياً في مجتمع أردني له تقاليده ويؤمن بالعفو والتسامح وينظر بأبوة الى قائد الوطن حيث يجري اسناد هذا التقليد الى طبيعة المجتمعات التقليدية العربية..
على أية حال صدر قانون العفو العام المؤقت موشحاً بالارادة الملكية وبدأ تطبيقه على أرض الواقع وسيجد ذلك ارتياحاً لدى فئات واسعة من مجتمعنا..والسؤال..كيف توظف هذه المكرمة؟ وكيف يجري ارفاقها بالشرح والتوجيه والاستفادة منها حتى لا تمر كحالة افراج أو اعفاء أو صفح أو غفران عن من اخطأوا دون معرفة أو استيعاب لما ارتكبوه..وحتى لا يبقى العفو العام مجرد جردة حساب تأتي كل عدة سنوات وحتى لا تشجع فكرة العفو العام لارتكاب البعض مخالفات او تراكمها دون حل بانتظار ان يأتي عفو عام يمسحها وكأن شيئاً لم يكن مع الاعتراف بأن الحكومة في العفو العام المتعلق بهذه النقطة تشطب لها أموالا لا بد انها عائدة للموازنة..الأمل ان تكون التطبيقات لقانون العفو لعام بمستوى الفكرة وأن يجد الانفاذ والتطبيق توافقاً واسعاً ليكون العفو في المكانة اللائقة كمكرمة ملكية..
alhattabsultan@gmail.com
(الرأي)