لاتقول فول حتى تحط بالعدول
د. بركات النمر العبادي
08-01-2025 04:17 PM
لكم اعجبني هذا المثل الشعبي لما يضم و يخفي في طياته من مفاعيل الحكمة ، فيقال هذا المثل للتدليل على الصبر وبعدها الحكم على النتائج ، وكذلك على من يأخذ بالدين على امل الحصول على غلة عالية من المحصول الذي يفلح (يزرع) اليوم ، وعلى من يقول سأتزوج من فلانة بنت فلان وبعد وفاة والدها سأحصل على الميراث الكثير ويبدأ بالتصرف على هذا الاساس .... وهكذا .
وهذا ما يقال عن بعض المؤسسات الوطنية ، و اليوم نناقش بعض المؤسسات الوطنية التي تشارك في تهيئة قرار منح الجنسية الاردنية لبعض المستثمرين في الوطن مقابل استثمارهم ، الذي كان من المؤمل ان يساهم هذا المستثمر الذي اصبح اردنياً في تشغيل بعض المتعطلين عن العمل وهو اول ثمرة من ثمرات منح الجنسية مقابل الاستثمار ، الا ان التجارب تقول ان هناك عدد من الذين حصلوا على الجنسية الاردنية مقابل الاستثمار في السنوات القليلة الماضية ، قد تركو الاستثمار في الاردن وتوجهوا الى بلدان اخرى ، وعلى سبيل المثل لا الحصر كانوا قد توجهوا الى جمهورية مصر العربية وانهوا استثمارتهم في الاردن ، ولم يستفيد الاردن منهم الا مسح الغبار عن مقتنياتهم ، وذهبت الجنسية عن مغزاها الذي منحت من اجله ، وهم بالعشرات .
وهنا نقول ( لا تقول فول حتى تحط الغلة في العِدّول ) ومن المعروف عرفاً ان ( العِدّل ) هي كيس كان الفلاحين يصنعونه من شعر وصوف الاغنام ويخزنوا فيه الفول وباقي الحبوب ، والمعنى هنا ان لا تعطى الجنسية الاردنية رفيعة المستوى بين جنسيات العالم الا ضمن شروط تسترعي جل اهتمام السادة اصحاب القرار في مثل هذه الحالات ، ويمكن الاضافة هنا الى وضع بعض الشروط كشرط المدة الزمنية التي يقوم المستثمر في مزاولة استثماره على ارض المملكة من خلالها ، مثلاً ان يمضي على استثماره مدة لا تقل عن خمس سنوات وان يكون هذا الاستثمار مفعّلاًعلى ارض الواقع من حيث حجم القوة البشرية العاملة ، ونسبة الاردنيين بينهم يجب ان لا تقل عن 80% من مجموع الايدي العاملة في الاستثمار ، التي تخدم استثماره ، وان تكون حساباته البنكية تعمل بشكل يُظهر ان هذا الاستثمار مستوطن لا مهاجر .
بالمناسبة انا لا اشكك ابداً باالسادة القائمين على وزارتي الاستثمار والتجارة ووزارة الداخلية ، وانني اقدر عالياً جهودهم المبذولة في الاسهام في تنفيذ رؤية جلالة الملك في التحديث الاقتصادي ، وقد تشرفت ان كنت احد ابناء هذه المؤسسات الوطنية ، ولكنني اقول ذلك من غيرتي على وطني وجنسيتي الاردنية التي لا نفرط بها ولو امتألات كل العدول المهاجرة ذهبا ، نحن ولدنا في الاردن لخمس وعشرين جدً قد سلفوا وورثنا عنهم حب الوطن مثل ما ورثتموه ، وانني على يقين انكم اكثر مني حرصاً ، فسيرى الله عملكم، وهو نعم المولى و نعم الوكيك .
حمى الله الاردن وسائر بلاد العرب والمسلمين