يتوجه بعض الأفراد أو المؤسسات بين حين وآخر بالشكر والثناء على أحد أصحاب الدولة أو المعالي أو العطوفة بل والسعادة ، وما نحوهم من ذوي الوظائف الرفيعة لتجشمه وعثاء السفر ، لافتتاح مشروع ما ، أو لتفضله بالمساعدة في حلّ إشكال ما ، أو لتدخله في إعادة الحق إلى نصابه بشأن من الشؤون .. إلى غير ذلك من مساعدات وخدمات وتلطفات ولفتات . وبشكل عام تعود أسباب الشكر إلى أحد سببين :الأول : قيام المسؤول بواجبات الوظيفة التي أوكلت له . وهذا أمر لا يُشكر عليه ، فالقول المأثور " لا شكر على واجب " . فصاحبنا يتقاضى راتبا من أربع خانات ، وبخدمته سيارات سوداء ذات لوحات حمراء ، لنقل أفراد العائلة والندماء ، وتلبية احتياجات الأهل والأقارب والخلان وربما الجيران ، ويحصل على سفرات وزيارات ومياومات ( مدد مسؤول إقامته عدة أيام في دمشق بحجة عدم وجود مقاعد طائرة درجة أولى من دمشق إلى عمان !! ) وعلى ذلك لا داع لإقامة مهرجان تطبيل وتزمير على صفحات الصحف .
الثاني : إعطاء المسؤول ما لا يحق له ، وما لا يملكه إلى من لا يستحق ، أي صورة مصغرة عن وعد بلفور سيئ الذكر. وهذا لا يشكر عليه ، بل تجب مساءلته ومحاسبته ، فقد َظلم حيث قدّم مصالح البعض على البعض الآخر وغلّبها دون وجه حق .
إن الأردن وهو دولة عصرية ذات مؤسسات ، ونعلنها دوما بأن الإنسان أعز ما نملك ، وهو إنسان واع ومتعلم جاب أصقاع الأرض علما وعملا ، لا يجوز أن يبقى هذا الإنسان رهين إرث تركي قديم ، عليه أن يقيم الأفراح والليالي الملاح لتجشم مسؤول عناء السفر إلى بلدته ، ونشر رسائل الشكر على صفحات الصحف ، وعلينا أن نكف عن مخاطبة أي مسؤول بما لا يجوز بكل المعايير ، فالأكرم هو رب العزة سبحانه وتعالى ، وإن كان من سعي لإظهار الاحترام لنقل : الوزير ... المحترم أو الكريم ، كما يجب الكف عن الخطاب بدونية عبارات مثل : " أرجو التكرم بـ ..... " و " تفضلوا بقبول وافر الاحترام " وغيرها من عبارات يكاد المواطن أن يخر فيها صعقا أمام أصحاب الدولة والمعالي ومن يليهم في سلم الدرجات والمناصب طلبا لتفضلهم عليه بقبول الاحترام أو التكرم بمساعدته في نيل حق له .
كلمة أخيرة : عند تولي أحدهم منصبا ما تنهال التهاني والتبريكات ، فقد أخذ القوس باريها ، وتنشر التهاني في الصحف ، وتنظم القصائد ، وتتم الزيارات المنزلية والمكتبية ، ُترى لماذا لا تنشر أي عبارات ، أو تتم زيارات مماثلة عندما ينتقل صاحبنا من كرسي الوظيفة إلى كرسي البيت . وكم من مسؤول لم يجد من يحمل حقيبته لنقل متعلقاته الشخصية عند مغادرته الأخيرة لما كان يسمى مكتبه ؟ كم مسؤول تجرأ وعاد لزيارة المؤسسة التي تولى إدارتها ؟ . " لو دامت لغيرك ما آلت إليك " هل نستوعب الدرس ؟ .
haniazizi@yahoo.com