facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عندما يكون النائب حافظًا وليس فاهم


المهندس سالم الخصاونه
08-01-2025 01:44 PM

* بين المطالبات العشوائية وفهم المعادلة الاقتصادية

في أروقة السياسة والبرلمانات، تتكرر أحيانًا مطالبات تبدو على السطح وكأنها حلول مثالية لمشاكل معقدة، لكنها عند التمحيص تكشف عن افتقار أصحابها لفهم أعمق لتعقيدات الواقع. من أبرز هذه الأمثلة ما طرحه أحد النواب مؤخرًا، حين طالب بوقف استيراد المحاصيل الزراعية خلال موسم الحصاد، ظنًا منه أن هذه الخطوة ستحمي المزارع المحلي. غير أن هذه المطالبة، رغم ظاهرها الجذاب، تحمل في طياتها أضرارًا جسيمة قد تُصيب المستهلك، السوق، والاقتصاد الوطني بأسره.

إن المطالبة بوقف الاستيراد خلال موسم الحصاد دون النظر إلى معادلة الميزان التجاري، تعكس فهماً قاصرًا لحقيقة التوازن الاقتصادي.

فالميزان التجاري ليس مجرد رقم، بل هو أداة دقيقة تُحافظ على استقرار السوق، تُحقق توازن العرض والطلب، وتمنع الاحتكار و عندما يُفرض حظر كامل على الاستيراد، ينحصر السوق بالمنتج المحلي فقط، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل حاد نتيجة قلة الخيارات المتاحة.
هذا الأمر يُثقل كاهل المستهلك، الذي يعاني أصلاً من ضغوط اقتصادية، ويُحول أسواقنا إلى بيئة خصبة للتحكم السعري والاحتكار.

ولعل الأخطر من ذلك، أن هذه المطالبة تتجاهل التزامات الأردن التجارية مع الدول الأخرى. في عالم يقوم على التكامل التجاري والتبادلات الثنائية، وقف الاستيراد بشكل غير مدروس قد يُضعف مكانة الأردن كشريك تجاري موثوق. الدول التي نتبادل معها قد ترد بخطوات مضادة تُضر بصادراتنا الزراعية وغيرها، ما يُفاقم الأزمة بدلاً من حلها.

الحل الحقيقي لا يكمن في إغلاق الأبواب أمام المستورد، بل في تعزيز تنافسية المنتج المحلي بطرق مدروسة.

فرض رسوم جمركية معتدلة على المستورد قد يكون خيارًا أكثر حكمة من منعه تمامًا، فهو يمنح المنتج المحلي ميزة تنافسية دون الإضرار بالمستهلك.

كذلك، تقديم دعم مباشر للمزارعين لتحسين جودة الإنتاج وزيادة الكميات المعروضة بأسعار تنافسية، هو خطوة جوهرية. تخفيض تكاليف الإنتاج عبر دعم الأسمدة والبذور والمياه، أو تقديم قروض ميسرة، سيُعطي المزارع المحلي فرصة حقيقية للتألق في السوق، داخليًا وخارجيًا.

لكن المشكلة الحقيقية تكمن في العقلية التي تدير هذه المطالبات، تلك التي تُغفل أهمية بناء استراتيجيات متكاملة تعزز مناعة السوق وتوازن مصالح جميع الأطراف.

النائب، بصفته صانع قرار، لا يمكن أن يقتصر دوره على ترديد الشعارات أو تبني الحلول السطحية. عليه أن يمتلك رؤية عميقة، وأن يُدرك التأثيرات بعيدة المدى لأي مطلب يطرحه.

المواطن الأردني يستحق من يمثله بوعي وإدراك، لا من يقوده إلى أزمات جديدة بحسن نية أو جهل.

المطلوب اليوم نواب فاهمون لحقيقة الأزمات، قادرون على صياغة مطالب تخدم الجميع، بعيدًا عن العشوائية أو العواطف المؤقتة.. لأن الوطن لا يحتمل المزيد من الأخطاء الناتجة عن سوء تقدير أو قلة وعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :