facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قانون أردنة العمالة ضرورة وطنية


النائب الدكتور شاهر شطناوي
07-01-2025 04:21 PM

تعد البطالة من أخطر التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات، ومما لا شك فيه أن الأردن يعاني كغيره من دول العالم من هذه الآفة المجتمعية والاقتصادية على حد سواء، فالبطالة ليست مجرد مشكلة معزولة، بل هي سبب ونتيجة في الوقت نفسه لمشكلات أوسع، فعلى الصعيد المجتمعي، تؤدي البطالة إلى تدهور الاستقرار الاجتماعي، ما ينعكس على الاقتصاد من خلال خفض الإنتاجية وزيادة التكاليف.

وفي الوقت ذاته، تؤدي الأزمات الاقتصادية إلى زيادة معدلات البطالة، مما يعمق المشكلات الاجتماعية، وعند إمعان النظر بالتأثير المزدوج الذي تشكله هذه الآفة، نرى أنه من الضرورة إيجاد حلول سريعة وفعالة، ويجب على الحكومة أن تجعل من أولى أولوياتها معالجة هذه الآفة من خلال استراتيجيات تدمج الجوانب الاقتصادية والاجتماعية معًا، ولا شك أن الحلول الفعّالة تحتاج إلى سياسات حكومية تُركز على خلق فرص العمل، وتطوير المهارات، وتعزيز التعاون بين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق التنمية المستدامة.

فعندما تُمنح الفرص للعمالة المحلية بدلاً من العمالة الأجنبية (أردنة العمالة في السوق المحلي)، يُتاح المجال لتوظيف أعداد كبيرة من المواطنين، هذا يقلل من معدلات البطالة، ويدعم الطبقات الأكثر تضررًا، ويسهم في تقليص نسب الفقر، فالعمالة المحلية تتمتع بفهم أعمق لاحتياجات المجتمع، مما يزيد من إنتاجيتها ويعزز قدرتها على المساهمة في تحسين جودة الحياة.

وفي السياق نفسه، فإن تشغيل العمالة المحلية بديلًا عن العمالة الأجنبية يشكل أحد أهم الركائز لتعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية، فهذا التوجه يحمل في طياته العديد من الفوائد التي تؤثر بشكل مباشر على نسب الفقر والبطالة، وتحافظ على العملة الصعبة، وتسهم في تحقيق النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.

فاستقدام العمالة الأجنبية يُسفر غالبًا عن تحويل جزء كبير من الأجور إلى خارج البلاد، مما يضع ضغطًا على العملة الصعبة، ويؤثر سلبًا على ميزان المدفوعات، أما تشغيل العمالة المحلية يساعد على إبقاء الأموال داخل الاقتصاد الوطني، مما يعزز الاحتياطيات النقدية، ويدعم استقرار العملة، ويقلل الاعتماد على الخارج في تمويل الاحتياجات الاقتصادية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الاعتماد على العمالة المحلية تؤدي إلى خلق دورة اقتصادية داخلية نشطة، فالمواطنون العاملون يستخدمون دخولهم لشراء المنتجات والخدمات المحلية، مما يدعم الشركات والمشاريع الوطنية، وهذا بحد ذاته يزيد من دوران عجلة الاقتصاد داخل البلاد، مما ينعكس إيجابا على تشجيع المستثمرين المحليين والأجانب على إنشاء المزيد من الأعمال ويوسع فرص الاستثمار المحلي والأجنبي، مما يؤدي إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى .

وبالتأسيس على ما سبق، فإن استثمار موارد البلاد في العمالة المحلية، يزيد من معدلات الإنتاجية العامة للاقتصاد الوطني، فالعمالة المحلية تتميز بمعرفة أعمق بثقافة العمل المحلية والاحتياجات السوقية، مما يُسهم في تحسين الأداء والإنتاجية، وهذا الانعكاس الإيجابي يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، مما يعزز مكانة الاقتصاد على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وبالرغم من الفوائد الواضحة، فإن استبدال العمالة الأجنبية بالمحلية يواجه تحديات مثل نقص المهارات أو ضعف التدريب، لذا، فإن من الضروري أن تُصاحب هذه السياسة برامج تدريبية متطورة تُعزز من كفاءة العمالة المحلية، إضافة إلى سياسات تحفيزية للشركات لتوظيف المواطنين.

ونحن في الأردن بحاجة إلى استحداث سياسات وتشريعات جديدة تحد من تدفق العمالة الأجنبية، وتفتح الآفاق أمام العمالة المحلية للعمل داخل السوق المحلي، وفي معرض هذا فإنني أقترح على الحكومة أن تسعى جاهدة إلى تشريع قانون (أردنة العمالة في القطاع الخاص)، أسوة بالنظام الذي اعتمدته المملكة العربية السعودية (السعودة)، والنظام الذي تبنته الكويت (التكويت)، واللذان أثبتا نجاحهما في كلا البلدين، وساهما بشكل كبير في خفض نسب البطالة والفقر، ونهضا بالشعب للخروج من حالة الاتكاء على العمالة الأجنبية.

وبالنظر إلى الاحصائيات ولغة الأرقام، فإن الأردن يعد وجهةً للعديد من العمالة الوافدة، خاصةً من الدول المجاورة، وهنا يجدر الإشارة إلى أن الأردن يستضيف عمالة وافدة من أكثر من 50 جنسية، رغم أن نسبة البطالة عند الأردنيين عالية جدا، وهذا يتناقض مع السياسات التي تقدمها الحكومة للتخفيف من نسب البطالة بين أبناء المجتمع، حيث تُشير التقديرات إلى وجود حوالي 1.4 مليون عامل غير أردني في سوق العمل الأردني، وفقًا لتقارير منظمة العمل الدولي، ومن بين هؤلاء، يُقدَّر أن نحو 320 ألف عامل وافد يحملون تصاريح عمل رسمية، بينما يعمل الباقون يعملون دون تصاريح، مما يُسبّب تحديات في تنظيم سوق العمل، وتُشكّل العمالة المصرية نسبة كبيرة من العمالة الوافدة في الأردن، ووفقًا لإحصائيات عام 2021، بلغ عدد العاملين المصريين حوالي 920 ألفًا، يعمل معظمهم في قطاعات الزراعة، البناء، المخابز، الحرف، والصناعات التحويلية.

أما فيما يتعلق بالعمالة السورية، فإن بيانات وزارة العمل الأردنية تشير إلى أن عدد تصاريح العمل الممنوحة للاجئين السوريين بلغ حوالي 62,000 تصريح حتى نهاية عام 2022. مع ذلك، لا تتوفر إحصائيات محدّثة لعام 2023 وعام 2024، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هناك عددًا من اللاجئين السوريين يعملون دون تصاريح رسمية، مما يجعل من الصعب تحديد العدد الدقيق للعمالة السورية في الأردن.

ولا شك أن وزارة العمل قد قامت بوضع قانون ينظم حسب تقدير الحكومة العمالة في القطاع الخاص، ولكن هذا القانون يواجه تحديات كبيرة من حيث التطبيق والمتابعة، إضافة إلى تحديات أخرى تتمثل في نسب العمالة الأردنية مقابل العمالة الوافدة التي شرعها القانون داخل المنشآت التجارية والصناعية، فنحن بحاجة إلى قانون يعالج الواقع بشكل أوضح، ولا يجامل على حساب المواطن الأردني، خصوصا مع الظروف الاقتصادية التي يعيشها الأردن والأردنيون جراء الصراعات المحيطة بالوطن.

وختاما، فإن تشغيل العمالة المحلية ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو واجب وطني يعزز من تكامل المجتمع ورفاهيته، والفوائد الناتجة عن هذه الخطوة تتعدى الجانب الاقتصادي لتشمل تعزيز الانتماء الوطني وتقوية النسيج الاجتماعي، إن الاستثمار في العمالة المحلية هو استثمار في مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :