اسعار الفائدة وسياسة البنك المركزي
نائل العدوان
09-06-2011 08:01 PM
قرر البنك المركزي رفع اسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة ابتداء من شهر حزيران وذلك لاسباب متعلقة بالحد من التضخم وظبط معدلات نموه، بالاضافة الى إعادة التوازن الداخلي المتمثل في العجز المتزايد في الموازنة العامة للدولة والحفاظ على جاذبية الاستثمار.
ولاشك ان السياسة الانكماشية السابقة قد استخدمت في كثير من الدول ذات المعدلات التضخم العالية واجدت نفعا، ولكن يلزم استخدام هذه الاداه بحذر شديد لحالة الاقتصاد الاردني الخاصة جدا ، فرفع اسعار الفائدة له اثر على معدل البطالة بالزيادة وخاصة في القطاعات الشديدة الحساسية للفائدة مثل قطاع الانشاءات و النقل وغيره، بالاضافة الى الاثر السلبي الذي يتركه على المؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم والتي ليس لها عادة نفاذ على مصادر ماليه غير البنوك، بعكس المؤسسات الكبيرة التي تستطيع تمويل عملياتها من خلال اصولها المالية واسواق السندات والاسهم، ناهيك عن الاثر الذي سيتركه هذا القرار على قطاع الاستثمار واضعاف قدرة المستثمرين لارتفاع تكلفة الاقتراض وتقليل السيولة النقدية واضعاف القطاع التجاري والصناعي، ومن الممكن ان تكون عامل طرد للمستثمريين الحاليين، اما سوق عمان المالي ، فان الاثار ستكون بشكل رئيسي على حاملي الاسهم والسندات وانخفاض القيمة السوقية للسندات القديمة وتفضيل حاملي السندات التخلي عنها للحصول على سندات جديدة ذات عائد اكبر او ايداع مدخراتهم في البنوك .
من ناحية اخرى ، يلزم التذكير بالاثر الكبير على محدودي الدخل الذي يحدث نتيجة لارتفاع اسعار الفائدة خاصة في ظل ارتفاع مرونة العرض لدى هذه الفئات المحدودة الدخل ، فحدوث انخفاض ولو بسيط بالاجور سيزيد معدلات البطالة وسيؤدي الى انتقال الدخل من الاسر محدودة الدخل الى فئات الدخل العالي ، فارتفاع البطالة نتيجة لصدمة السياسة النقدية برفع سعر الفائدة - بمعدل 1% ستؤدي الى انخفاض دخل الفئات محدودة الدخل ( فئة افقر 40%) بمعدل 0.28 % ونقل هذا الدخل الى اغنى 10% في المجتمع . وبالضرورة فان ذلك سيزيد الفقير فقرا والغني عنا.
ان هدف البنك المركزي عبر سياسته الانكماشية السابقة من خفض معدلات التضخم والتي وصلت وفق بيانات دائرة الاحصاءات الى 4.4% في الثلث الاول من عام 2011 ، وهو وحسب تفسير الحكومه له بانه تضخم مستورد ،وبالتالي فان السياسة الحالية لن يكون لها اي اثر فعال في خفض معدلاته وان النفع لن يعود على ذوي الدخل المحدود بل على المقرضين من البنوك ومؤسسات الاقراض وسيؤدي بالضرورة الى انتقال الدخل مرة اخرى من فئة المقترضين الى المقرضين .
ان سياسة البنك المركزي برفع سعر الفائدة ستؤثر حتما على سوق العمل وتزيد من معدلات البطالة ولو بنسب متفاوته وضمن قطاعات مختلفة ، والتي وصلت الى 13% للربع الاول من العام الحالي وهي نسبة مرتفعة عن معدلات العام 2010, ،كما ينبغي وللخصوصية السابقة ان يكون هناك تنسيقا بين متخذي قرارات السياسة النقدية في البنك المركزي وبين متخذي القرارات في وزارة المالية باعتبار ان قرارا نقديا سيؤثر على الاقتصاد الكلي في ظل وجود ادوات انكماشية اخرى تقوم بها الحكومة ، وكلها على حساب مستوى الرفاه للمواطن الاردني ، اخذين بعين الاعتبار الاثار السلبية على سوق العمل وانتقال الدخل وتضرر فئات الدخل المحدود والفئات العامله بالقطاعات الحساسة لسعر الفائدة .