جرائم تتوالى في غزة والضفة وامتدت لجنوب لبنان وسوريا واليمن ولم نسمع صوت حقيقي يواجه العنت الاسرائيلي، ليتحدثوا بصوت خافت بهمسات ترتعب من علو الصوت خوفاً من سيف الجزار، فكان القرار بتقديم قربان على طريقة الفراعنة حتى لا يفيض نهار النيل، وفي حالتنا حتى لا يتمدد الاحتلال ويجتاح الجميع، وحتى تختفي صور الرعب من مخيلة رجال ليس لهم من هذه الكلمة إلا حروفها، فيما الفعل الحق يحتاج لرجال اختفوا ولم نعد نشاهد "زريف الطول" إلا في غزة وجنين، فتعشق الصبايا رسمه ويُخلد الأطفال ذكره، فالبنسبة لهؤلاء الأطفال صُناع الغد كان الأمس عبرة واليوم خبرة وغداً تصحيح مسيرة واستقلال وطن.
ويتردد في أذهان أطفال العالم على وجه العموم وأطفال غزة على وجه الخصوص سؤال يراودهم ليل نهار، وهو هل خان العالم أجمع وبالذات العربي فلسطين بغزتها وجنينها وعزتها؟، هل باعوها في المزاد بأطفالها ورجالها ونسائها وأرضها؟، ولم يجد الأطفال إجابة تشفي صدورهم وتُعيد إليهم حياتهم المسلوبة وطفولتهم الضائعة في ظل الضياع العربي العالمي، بفعل البحث عن المصالح والأنا الضيقة التي تخنق أتباعها في نهاية الطريق، وعمل الإعلام الموجه على قتل الأمل بتحديد زوايا كاميرات التصوير حتى تتناسب مع أهدافهم في محاولة إخفاء الحقيقة المُرة التي يخجل منها الجميع، وهي أن فلسطين بغزتها تعرضت لخيانة كونية لم يسلم منها إلا القليل القليل، فيما الغالبية انغمسوا في الخيانة بمسافات مختلفة ما بين الأقدام والرأس.
فالخيانة أنواع متعددة لكن جميعها تصب في مصلحة المحتل بالتغاضي عن شلال الدماء في غزة، ويقبع في هرم الخيانة "قادر لم يفعل"، وهنا تبدأ الخيانة والجريمة من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والقوى العظمى والقوى الإقليمية، لعدم تطبيقهم القوانين الدولية والتغاضي عن جرائم الإبادة التي لا زالت مستمرة، والنوع الثاني من الخيانة يتمثل "بغني لم يُنفق" وهؤلاء ما أكثرهم في عالم الثراء الفاحش والغباء المستوحش، لنجد أن الأموال العربية تُنفق في جميع الاتجاهات من رياضة بلا معني وفنون بلا قيمة وعمران ليس لبانيه، ويتم منعها عن غزة وفلسطين بذرائع معيبة بحق قائلها قبل مستحقيها.
أما الخائن الثالث فهو " قاعد لم يُبادر" وهذه تشمل جميع رجال الأمتين العربية والإسلامية الذين يتسابقون للذهاب صوب شتى القضايا حتى وصلوا لحرب أوكرانيا وروسيا، لكنهم لا يتحركون خطوة صوب فلسطين سواءً بالانخراط في مواجهة الاحتلال أو التوجه صوب العالم للدفاع عن قضيته، ليكونوا هم وأعداء الأمة في خندق واحد لمحاولة فرض الواقع بشرق أوسط جديد يخلوا من أصحاب القيم المطالبين بالحرية والاستقلال، والخائن الرابع "صاحب لسان لم يتكلم"، وهذه ملحمة كُبرى لخروج الكثيرين عن نصها وإصابتهم بالخرس وقت الحاجة، وبالذات في الإعلام حيث أصبحت بعض القنوات تُشكل منبراً للعدو، ويتم منع المدافعين عن فلسطين من الظهور على شاشتها، بغية حجب الحق الفلسطيني عن الشعوب العربية والإسلامية لتحقيق الحُلم الاسرائيلي بدولة من الفرات إلى النيل، ويعمل الإعلام الخائن على طريقة "عيوب أحبابي لا أراها وعيوب غيرهم أجري ورائها" ولا حبيب لهم إلا الدولار ، ولم يُدرك هؤلاء جميعاً ان الصبر الفلسطيني علاج لكل شيء وسيؤدي إلى زول السلطتين.
آخر الكلام:
قال الشهيد الفلسطيني ناجي العلي: "أخشى ما أخشاه أن تُصبح الخيانة وجهة نظر"، لنجد أن الأجيال أصبحت تتربى على اللاموقف ليكون فكرهم وقدراتهم محدودين ليتوارثوا اللامبالاة ، لينتشر الخنوع كمقدمة للخيانة بالصمت عن نُصرة المقهور ليكون الصمت بوابة الخيانة.