إمكانية تطبيق العدالة الدولية على الانتهاكات الإنسانية
المحامي معاذ وليد ابو دلو
07-01-2025 10:30 AM
المتابع للعدالة الدولية يرى وللأسف بأنها أصبحت كالعدالة في دول الواق واق، إذ كان الهدف من القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وإنشاء هذه الهيئة الأممية عند اتفاق العالم على البدء فيه وتطبيقه من أجل حفظ السلام والأمن الدوليين، وهدف الاتفاقيات والمواثيق المنبثقة عنه حماية حقوق الإنسان، لنكون أمام حالة سلم داخلية وخارجية في الدول في جميع القارات.
والمتابع لمسار العدالة الدولية سواءً لمحكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية سوف ينتقدها، وخصوصاً بعد ما جرى في غزة من أحداث وأهوال، ولكن يتوجب علينا كسياسيين وقانونيين ومتابعين للمشهد أن نبقى متمسكين بورقة القانون وحبل العدالة ومبدأ الجزاء والعقاب رغم صعوبة ذلك ومحاولات الإفلات، إلا أن العدالة والقانون هما أساس ضمان وحماية الحريات مهما يحدث.
اليوم تحررت سورية من حكم حزب تجاوزت فترة حكمه (61) عاماً، أي أكثر من ستة عقود، كما اتضح وبشكل علني وجازم بعد سقوط هذا النظام وهروب رئيسه مدى ارتكابه لانتهاكات بحق شعبه والإنسانية، وهنا يتوجب مساءلتهم ومحاكمتهم، كما يجول في بالنا التساؤل: كيف يمكن محاكمة الرئيس الهارب وأفراد من نظامه عن جرائم اقترفوها ضد الإنسان والإنسانية، خصوصاً في ظل إمكانية الوصول إلى أدلة تثبت ارتكاب جرائم حرب، وانتهاكات إنسانية.
فسورية لم تكن منظمة للمحكمة الجنائية الدولية وما تزال ولم توقع على الاتفاقية الخاصة بنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لهذا السبب، تكون المحكمة مقيدة ولا تملك الصلاحية المباشرة بإجراءات التحقيق والمحاكمة، إلا أنه يمكن اليوم بعد سقوط النظام محاكمته على جرائمه وفق آليات عدة منها: توقيع سورية على نظام روما والانضمام لتصبح دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، أو من خلال طلب المحكمة التدخل للنظر في شبهات أي جرائم وفتح تحقيق، وقامت الدولة السورية بالموافقة على اختصاص المحكمة للتحقيق والمحاكمة، وذلك وفقاً للمادة 12 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بحيث تقدم إعلان توافق من خلاله على الاختصاص القضائي للمحكمة، وفي الوقت ذاته حال صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف الرئيس وأفراد نظامه إلى المحكمة الجنائية الدولية لممارسة مهامها بذلك، وهذا يتطلب عدم اعتراض أي دولة هي عضو في مجلس الأمن واستخدامها لحق النقض (الفيتو) على هذا القرار.
اليوم أصبحت محاكمة رموز النظام السابق وأعوانهم أسهل من السابق، بعد سقوط النظام؛ فالعوائق السابقة لم تعد متواجدة، وفي حال فتحت المحكمة تحقيقاً ومن ثم البدء بإجراءات المحاكمة، يسجل للعدالة الدولية ذلك رغم التحفظات العديدة عليها، علماً أن رئيس النظام هارب إلى روسيا التي ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، وسبق أن أصدرت المحكمة قراراً بتوقيف رئيسها، إلا أنها ممتنعة عن تطبيق ذلك لعدم مصادقتها على نظام روما.
العدالة الدولية يجب أن تسير لتحقيق العدالة ومبدأ سيادة القانون وترسيخ حكم القانون الدولي، فقادم الأيام حبلى بالأحداث السياسية والقانونية المتعلقة بسورية.
"الغد"