facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التجربة الإماراتية ..


د. محمود الشغنوبي
07-01-2025 10:03 AM

في جوف الصحراء، حيث الرمل الناعم يلامس السماء، وحيث النخيل شامخة كأنها تهمس للأفق البعيد، وُلِدت حكاية وطنٍ صنع المجد من رحم القلة، ونسج من خيوط الولاء قصةً تُروى للأجيال.

منذ أن أطلق طيب الذكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، نداء الاتحاد، استجاب له الشعب بكل ما أوتي من إخلاصٍ وشغفٍ بالوطن، فحبُّ الوطن هناك ليس كلماتٍ تُقال في المناسبات، بل هو ولاءٌ أصيلٌ تجذّر في قلوب أبناء هذه الأرض الطيبة.

رأيت ذلك الحب يتجلى في العيون التي تلمع فرحًا لاستقبال الزائرين، وفي السواعد التي تعمل ليل نهار من أجل أن تبقى الإمارات فوق هام السحب. إنه حبٌّ عميق لا يُعلن بلسانٍ فصيحٍ، بل يُترجم في الفعل، في بذل الغالي والنفيس.

كانت زيارتي الأولى للإمارات نافذةً فتحت لي أبواب الدهشة والانبهار. رأيت في كل زاوية منها إخلاصًا وطنيًا يتجلى في كل حركة وسكون، وفي كل بناء شامخ يروي قصة تحدٍ وانتصار. أما زيارتي الثانية، فقد عمّقت هذا الشعور، وكأنني أكتشف الإمارات من جديد، أرضًا لا تكفّ عن الإبداع ولا تنفكّ عن التطور.

في هاتين الزيارتين، أدركت أن الإمارات ليست مجرد معالم سياحية أو أبراج شاهقة، بل هي وطنٌ يُولي الإنسان قيمةً عظمى. ولم يكن أكثر ما أثار إعجابي تلك الصروح الطبية التي تبدو كقصورٍ من المستقبل، تخدم الناس بإنسانية تامة وتكنولوجيا متطورة. كانت تلك اللحظات كافيةً لأفهم أن الإمارات تضع صحة الإنسان وكرامته فوق كل اعتبار، في مشهدٍ يبعث الطمأنينة ويؤكد أن الإنسانية هي جوهر هذا الوطن.

مطارات الإمارات، حين تطأ قدمك أرضها، لا تحتاج إلى دليلٍ لتعرف أنك في كنف وطنٍ يعشق الترحاب. موظفو المعابر والمطارات يفتحون أبوابهم وقلوبهم لكل قادم، فهناك الضيافة ليست عادة، بل إرثٌ متأصل، كأنما يروي الأجداد للأحفاد كيف كانت القرى تجمع الزائرين في مجالس الكرم والسخاء.

ابتسامة الموظف في مطارات الإمارات ليست مجاملة، بل هي انعكاسٌ صادق لروح وطنٍ يرى في كل ضيفٍ أخًا أو صديقًا. ولعلّ هذه السجايا الطيبة هي ما جعل الإمارات وجهة العالم، ومرفأ من يبحث عن الاحترام والتقدير.

في هذا الوطن الذي لا يفرّق بين أبنائه، تسكن المساواة كعروسٍ في قلب الصحراء، يشدو بها كل من عاش على هذه الأرض. فهناك، المواطن والمقيم سواسية، فالحقوق تُمنح بلا انحياز، والفرص تُقدّم للجميع دون تمييز.

هي أرضٌ تُعانق العدالة، حيث لا ينظر أحدٌ إلى جنسك أو لونك، بل إلى قيمتك وإسهامك. هذا النهج هو ما يجعل الجميع يشعرون بأنهم جزءٌ من حكاية الوطن، كأنهم خيوط في نسيجٍ متينٍ لا يتفكك أبدًا.

إذا كانت الأمجاد تُصنع بالعزائم، فإن الإمارات قد امتطت صهوة الريادة، وسبقت غيرها بسنوات ضوئية. في الفضاء، رفع "مسبار الأمل" راية الوطن عاليًا، وفي الأرض، تتلألأ الأبراج كأنها تناجي الغيم، تقول له: نحن هنا، نصنع التاريخ بجهد السواعد وعمق الرؤية.

أدركت أن هناك شعب، لا يعرف التواني، بل يمضي كالقافلة التي تعرف وجهتها، لا توقفها الرياح، ولا تُثنيها العقبات.

في قلب الإمارات، ينبض التسامح كأنه شريان الحياة. هناك، يعيش أناس من أكثر من ألف جنسية، كأنهم أسرة واحدة، وكأن التسامح خيمةٌ تمتد لتظلّل الجميع، كما كانت مضارب البدو في الصحراء تفتح أبوابها لكل عابر سبيل.

هذا التعايش الفريد هو ما جعل الإمارات ليست فقط وطنًا لأبنائها، بل وطنًا لكل من عشق القيم الإنسانية النبيلة.

الإمارات ليست مجرد وطن، بل هي عشقٌ يُخفيه القلب ويظهر في كل نبضٍ وكلمة، فحب المقيمين على تلك الأرض يظهر في فخرهم بها، وفي احترامهم لروحها، وفي دعائهم بأن تبقى دائمًا شامخة، كالنخلة التي لا تُكسر مهما اشتدت الرياح.

فيا إمارات الخير، يا أرضًا اختزلت الصحراء والمستقبل في لوحة واحدة، أشهد وإن كنت قد امتنعت عن الأسفار بعد أن وضعت قدمي على درجات سلّم الخمسين، بأنكِ قصيدة بلا نهاية.

وسلامتكم...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :