القيادة بين التواصل والاتصال مفتاح النجاح المؤسسي
د. ثابت النابلسي
07-01-2025 08:15 AM
تعتبر القيادة الفعّالة ركيزة أساسية لنجاح أي مؤسسة، حيث تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف وتعزيز الأداء. ومن بين العناصر الجوهرية التي تميز القادة الناجحين هو قدرتهم على إدارة قنوات التواصل والاتصال مع فرق العمل. ورغم التشابه الظاهري بين المفهومين، إلا أن هناك فروقًا جوهرية تؤثر بشكل كبير على فعالية القيادة.
الفرق بين التواصل والاتصال:
بحسب نظرية “الاتصال التنظيمي” التي طورها الباحث الأمريكي كلود شانون، يُعرف الاتصال بأنه عملية تبادل المعلومات بشكل يحقق الفهم المشترك بين الأطراف.
أما التواصل فهو مجرد نقل للمعلومات دون ضمان التفاعل أو الفهم العميق.
يشير الباحث إدوارد هول في دراسته عن “التواصل الثقافي” إلى أن الاتصال الفعّال يعتمد على التفاهم الثقافي والسياقي بين الأطراف، مما يجعل من الضروري أن يكون القادة واعين للفروق الثقافية والبيئية التي تؤثر على عملية الاتصال.
أهمية الاتصال الفعّال في القيادة تمكن القادة تحقيق عدد من الركائز الأساسية لتحقيق الأهداف ، وحيث ان بناء جسور الثقة أهمها فقد الباحث ستيفن كوفي في كتابه “القيادة المرتكزة على الثقة” إلى أن الاتصال الفعّال يعزز الثقة بين القادة وفرق العمل، مما يسهم في تحقيق بيئة عمل إيجابية، عندها يتم تحقيق الأهداف المشتركة ، فقد أشار الخبراء لاهمية وضوح الأهداف وتوفير اتصال مستمر حول التقدم لتحقيقها يُسهم في تعزيز التزام الموظفين وزيادة إنتاجيتهم.
وكنتيجة حتمية نحصل على نتيجة هامه وهي تقليل الصراعات وسوء الفهم، فقد أظهرت أبحاث بلانشارد حول “القيادة الموقفية” أن القادة الذين يمتلكون مهارات اتصال فعّالة قادرون على تقليل الصراعات داخل الفريق من خلال تقديم توجيهات واضحة وتوقعات محددة.
نقاط القوة والضعف في غياب الاتصال الفعّال:
التواصل الجيد، حتى لو لم يكن مدعوماً باتصال فعّال، يمكن أن يخلق بيئة عمل مفتوحة تتيح تبادل الأفكار والمعلومات بشكل سريع.
ولأن بعض القادة يكتفون بالتواصل فقد حقق هذا النوع من التواصل إنجازات في المدى القصير، لكنه غالبًا ما يفتقر إلى العمق المطلوب لتحقيق التغيير المستدام.
إن غياب الاتصال الفعّال يؤدي إلى فقدان التوجيه، مما يضعف أداء الموظفين ويزيد من معدلات الخطأ ، ويؤثر بشكل سلبي على معنويات الفريق، حيث يشعر الموظفون بعدم التقدير والانعزال، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية.
ولغايات الاطلاع على أمثلة من واقع القيادة المؤسسية يعتبر نموذج "جاك ويلش " في جنرال إلكتريك حيث طبق مفهوم الاتصال الفعّال من خلال اجتماعاته المفتوحة وبرنامجه المسمى “جلسات الطاولة المستديرة”، تمكن من تحقيق فهم مشترك للأهداف المؤسسية بين جميع الموظفين.
وكذلك قيادة "ساتيا ناديلا " في مايكروسوفت ، فمنذ توليه القيادة، ركز ناديلا على تعزيز ثقافة الاتصال الفعّال من خلال بناء جسور تواصل مفتوحة مع موظفيه، مما ساهم في تحول الشركة ونجاحها في تبني الابتكار.
كما أن نهج الاتصال الشخصي مع الموظفين ، بالحرص على التفاعل المباشر معهم والاستماع إلى آرائهم، يسهم في تعزيز روح الفريق وتحقيق نجاحات مستمرة.
كيف يمكننا تعزيز الاتصال الفعّال؟..
يمكن للقيادة تبني نماذج الاتصال التفاعلي من خلال تطبيق نظريات مثل “حلقة الاتصال” لـ ديفيد بيرلو، التي تشدد على أهمية التفاعل المستمر وتقديم التغذية الراجعة.
كذلك التواصل الثقافي العابر للحدود، فقد أكدت دراسة ل "جيرت هوفستد" حول الفروق الثقافية، أن فهم التنوع الثقافي داخل المؤسسة يُعزز من فعالية الاتصال.
استثمار التكنولوجيا الحديثة من خلال الاعتماد على أدوات الاتصال التفاعلية مثل الاجتماعات الافتراضية والبريد الإلكتروني لضمان وصول الرسائل بوضوح وفعالية.
ويجدر الإشارة هنا إلى ما قدمه "جون سي ماكسويل "في كتابه "الكل بتواصل والبعض يتصل " حيث قدم فيه خمسة ممارسات وخمسة مبادئ مهمة في تحقيق الاتصال.
ولخص المبادئ في ، التأثير، البساطة، التركيز على الآخرين وليس الذات ، الاتصال يحتاج جهد ، واهمية المهارات الشخصية.
وأما الممارسات فقد لخصها بأهمية وجود ارضية مشتركة، البساطة، إبتكار التجربة، الإلهام، واخيراً يعيش المتصل حقيقة ما يقوله .
القاعدة الذهبية للقيادات .. ان الاتصال الفعّال هو العمود الفقري للقيادة الناجحة.
يمكن من خلال تطبيق نظريات البحث العلمي وتجارب القادة الناجحين، للمؤسسات تحقيق بيئة عمل إيجابية تعزز الأداء وتحقق الأهداف بكفاءة ،نحن في عالم الأعمال المتغير، يجب ان نحافظ على الاتصال الفعّال كأداة لا غنى عنها لتحقيق التميز والاستدامة.