في خضم التعقيدات الإقليمية التي تزداد اشتعالاً، تتوالى أحداث تكشف عن استخدام قوى إقليمية لعناصر متطرفة كأوراق ضغط لتحقيق أجنداتها السياسية، أحد أبرز الأمثلة هو إطلاق السلطات التركية سراح ستة من عناصر تنظيم داعش متورطين في تفجيرات مطار أتاتورك الدامية التي راح ضحيتها 45 شخصاً، إضافة إلى مئات الجرحى، كما منحت تركيا الجنسية ل عماد مشنوق، وهو بحسب دراسة نشرها "المركز العربي لدراسات التطرف" مواطن سوري متهم بإدارة شبكة غسيل أموال دعمت التنظيم الإرهابي، هذه الخطوات تؤكد استخدام التنظيم كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة، بهدف فرض شروطها على الأكراد في شمال سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية.
في خضم هذا المشهد المعقد يقف الأردن شامخاً بمواقفه الثابتة من التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها عصابة داعش، لم يسجل التاريخ أي محاولة لاستغلال أزمة اللاجئين أو استخدام الإرهاب كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وعلى العكس تماماً، صاغ الأردن شرعيته في المنطقة عبر تقديم نموذج راسخ للأمن والاستقرار مدعوماً بتاريخ طويل من التضحيات الجسام المحاطة بالرحمة والإنسانية.
في قلب التحركات الدبلوماسية الأخيرة، يعمل الأردن على وضع النقاط على الحروف بشأن مواقفه المبدئية، دون مجاملات أو محاولات للي الذراع، وعلى المستوى الأمني يكاد لا يغمض لمؤسساتنا جفن، مواقفنا متزنة وتعطي الأولوية للأمن الإقليمي والاستقرار الدولي. ورغم الضغوط المتزايدة فإن الأردن يرفض أن يكون جزءاً من أي لعبة تستهدف حقوق الشعوب أو تحاول زعزعة استقرار المنطقة.
في المقابل، نجد تناقضاً صارخاً في مواقف بعض القوى الإقليمية التي تقدم نفسها كحامية للأمن، بينما تستغل العناصر الإرهابية كورقة ضغط، وتغض الطرف عن شبكات غسيل الأموال التي تخدم أهدافاً ضيقة. هذه السياسات لا تُضعف فقط الأمن الإقليمي، بل تمثل خرقاً للأعراف الدولية والقيم الإنسانية.
يبقى الأردن نموذجاً فريداً في التمسك بالقيم والمبادئ وسط منطقة تعصف بها الأزمات، فبينما يختار البعض طرقاً ملتوية لتحقيق مكاسب آنية، يثبت الأردن يوماً بعد يوم أن الصمود يبدأ من التمسك بالحق، وأن الأمن والاستقرار هما الثروة الحقيقية لأي أمة.