ترخيص شركة الكهرباء الاردنية وليس بيعها
المهندس عبدالفتاح الدرادكة
06-01-2025 12:41 PM
في لقاء حديث مع إحدى المنصات الإعلامية، ادعى أحدهم وهو ممن يسمون انفسهم خبراء الطاقة أن الحكومة باعت شبكة توزيع شركة الكهرباء الاردنية المساهمة في عام 2014 بمبلغ 60 مليون دينار وأن هذه الشركة تستطيع وبكل سهولة بيع الشبكة بمبلغ لا يقل عن أربعة مليارات.
هذا الادعاء، الذي لا أساس له من الصحة، أثار جدلاً واسعاً، ولا يبدو أن الهدف منه سوى تعبئة الرأي العام وإبقاء صاحبه في دائرة الضوء من خلال وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية حيث ان الحكومة لم تقم ببيع شبكة توزيع شركة الكهرباء الاردنية المساهمة في عام 2014 كما زُعم ، ما حدث بالفعل هو أنه في عام 2014 توصلت الحكومة والشركة الى اتفاقية الترخيص والتي بموجبها قامت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن بمنح شركة الكهرباء الأردنية ترخيصاً لمدة 20 عاماً مقابل 65 مليون دينار وانا هنا لست في محل الدفاع عن قيمة الترخيص او مدته لانه موضوع متداخل من النواحي القانونية والتجارية علما ان الشركة كانت قبل ذلك تملك حق الامتياز في توزيع الكهرباء في المحافظات الوسطى وهي العاصمة والبلقاء والزرقاء ومادبا منذ تأسيسها عام 1938 وانها شركة يملك معظم اسهمها القطاع الخاص منذ تأسيسها، وليست مملوكة للحكومة وإنما شركة مساهمة عامة يتم تداول أسهمها في السوق المالي.
إن الحديث عن بيع الشبكة الكهربائية التابعة لشركة الكهرباء الأردنية والتي تملكها بالاصل ولم تشتريها من الحكومة والتي تعتبر موجودات للشركة يتنافى مع قانون الكهرباء الذي يعتبر شركة الكهرباء الاردنية مرخص له بالتوزيع ولا يحق له التصرف بموجوداته او الشبكة الا من خلال هيئة تنظيم قطاع الطافة والمعادن التي منحته الترخيص وان ما ذهب اليه من سمي نفسه بالخبير يعتبر ليس مبالغا فيه فقط بل غيابا للواقعيه الناتجة عن عدم وجود المعلومة التي تؤهله للوصول الى ما وصل اليه .
إن مثل هذه التصريحات يعتبر تضليلا اعلاميا لا يتسبب فقط في تضليل المواطنين، بل يسهم أيضاً في زعزعة الثقة بين الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة. ومن المؤسف أن هذه الادعاءات تجد طريقها إلى وسائل الإعلام، مما يضاعف من تأثيرها السلبي. وقد تم التنبيه في مقالات سابقة إلى خطورة هذا النهج الذي يتبعه البعض لإثارة الشارع وقلب الحقائق.
انا هنا لست في موقف المدافع عن شركة الكهرباء الاردنية او الشركات الاخرى ولكن عندما تجد معلومة تجافي الحقيقة فلا بد من التوضيح وهذا ما اسعى اليه من خلال محاولة تفنيد المعلومات غير الصحيحة وعلى الجانب الاخر فإن المطلوب من الحكومة او اصحاب العلاقة متابعة اعلامية لما يصدر من تصريحات غير رسمية ومن بعض الاقلام التي لا تتوخى الدقة لتوضيح حقائق الامور ووضع حد ومسائله هولاء الذين ينشرون ويصرحون بهذه المعلومات المضللة، ليس لتكميم الأفواه، ولكن لوضع حد لهذه الممارسات التي تؤدي إلى خلخلة العلاقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية والشركات من منطلق ان هذه التصريحات غير الموثوقة، مهما كانت دوافعها، تضر بالصالح العام، وتتطلب وقفة جادة من الجهات المعنية لضمان تحقيق الشفافية والمصداقية في تناول القضايا الحساسة.
وايضا من المهم أن يواجه المواطن هذه الادعاءات بموقف ناقد، يستند إلى الحقائق والمعلومات الموثوقة وإن تعزيز الثقة بين المواطن والحكومة والمؤسسات لا يتحقق إلا من خلال الشفافية والتواصل الصادق. ولا شك أن التصدي للمعلومات المضللة بحزم هو جزء من هذا الجهد، لضمان أن تكون العلاقة بين الأطراف المختلفة مبنية على الحقائق، وليس على الشائعات والمغالطات.
والله من وراء القصد