في الغاز الروسي - ينقلب السحر على الساحر
د.حسام العتوم
06-01-2025 08:14 AM
لازالت الحرب الروسية الأوكرانية و بالعكس الأوكرانية – الروسية تتصاعد مع قدوم العام الجديد 2025 ،و بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على اندلاعها منذ عام 2022 ، بينما تعود جذورها للثورة البرتقالية و إنقلاب " كييف " عام 2014 بجهد التيار البنديري الأوكراني المتطرف المتعاون لوجستيا و سياسيا مع الغرب الأمريكي . و يسجل لبريطانيا – باريس جونسن و أمريكا – جو بايدن و ابنه هانتر بايدن ،و اللوجستيا الغربية العبث بأوراق الحرب و اشعالها منذ البداية ، و العمل على افشال كل حوارات السلام الأوكرانية – الأوكرانية ( غربا و شرقا ) بعد المحاولة الفاشلة لضم شرق أوكرانيا لغربها و التسبب في قتل و تشريد أكثر من 14 الفا من المكون الأوكراني و الروسي المليوني من حيث العدد ،وهو الذي إنتهى بإنضمام الشرق الأوكراني و قبله القرم و عبر صناديق الاقتراع لروسيا و تحت حمايتها العسكرية عبر عملية خاصة إستباقية ، دفاعية ، تحريرية لم تستهدف رموز نظام أوكرانيا ولا المواطنين الأوكران ، وكذلك الحوارات الأوكرانية – الروسية عبر المفاوضات المباشرة ، و اتفاقية " مينسك " ، و مفاوضات تركيا ، وانصب هدف نظام ( كييف ) السياسي المنتهية ولايته و برلمانه " فيرخوفنايا - رادا منذ بداية عام 2019 على تقديم الاصطدام مع روسيا على السلام معها ، و التخطيط مع الغرب لديمومة الحرب الباردة ، و سباق التسلح ، و استنزاف روسيا الاتحادية العظمى، و الاقتراب من حلف " الناتو " المعادي لها أو تأجيل الأقتراب من الناتو لعشر سنوات قادمة أو أكثر ، وهو الذي يعني لروسيا نفس الخطر و نفس النتيجة التي ترفضها ،و التوجه أيضا صوب الغرب و ادارة الظهر بالكامل لروسيا الاتحادية جارة التاريخ ،و للمنظومة السوفيتية السابقة بالكامل كذلك .
ولما أن الجانب المعتدي ،والذي هو الأوكراني الممثل للعاصمة " كييف " و نظامها السياسي البنديري،هو الخاسر الأكيد في ميادين المعركة أكيد بسبب جنوح الميزان العسكري و قوة النار وبقوة لصالح روسيا الاتحادية و جيشها رغم تحالف " كييف " مع أكثر من 50 دولة غربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية العظمى ، إلا أنه ، أي نظام " كييف " يمارس المعاكسة و الشغب و العنف و الأغتيال ، و التطاول على روسيا بالمسيرات و الصواريخ الغربية التي تواجه روسيا بمثلها و أعنف وتلامس العاصمة " كييف " نفسها . و يعتقد نظام " كييف " بأن في مواصلة الحرب يستطيع فرض سلام الجانب الخاسر لها و الذي بدأها ،و حاول و لا زال يحاول اقناع الغرب و خاصة الرئيس جو – بايدن المنتهية ولايته و الخاسر للأنتخابات الرئاسية أمام دونالد ترامب بضرورة محاصرة روسيا ،ولكي تتسبب في خسارة مالية كبيرة في الحرب وفي موضوع تصدير الغاز إلى أوروبا .
والموقف الروسي الدفاعي من الحرب الأوكرانية – الروسية تمثل في تفسير إتفاقية إنهيار الاتحاد السوفيتي التي تلزم الدول المستقلة ومن بينها أوكرانيا بعدم عقد تحالفات معادية و التزام الحياد ، و تبيان عمق مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 القاضية بالسماح بالدفاع عن النفس لأي دولة معتدى على سيادتها مثل روسيا . و بما أن " كييف " قررت منذ البداية الأرتهان للغرب الأمريكي، تجد روسيا بأن الأجدر لها محاورة أمريكا مباشرة عندما يسمح الوقت بذلك لأنهاء الحرب ، و تأمل روسيا و أوكرانيا من الرئيس القادم بتاريخ 20 يناير2025 دونالد ترمب أن يضع حدا نهائيا للحرب عبر وقف المساعدات المالية و العسكرية( لكييف) العاصمة ، و الدفع بها لقبول حوار مباشر مع موسكو وتحت مظلة دولية تقودها أمريكا إلى جانب روسيا ، خاصة و أن الخسارة المالية لخزائن دول (الناتو) الناجمة عن الحرب كبيرة جدا وتقترب من 300 مليار دولار .
بدأ ضخ الغاز الروسي لأوروبا عبر شركة ( غاز بروم ) عام 2019 و استمر حتى مطلع العام الحالي 2025 ،بعد انتهاء عقد الغاز بين روسيا و أوكرانيا- كييف ، و لما أن الحرب بينهما و بمساعدة واضحة من قبل الناتو لنظام " كييف " لم يعد بالأمكان تجديد العقد ، و الجهة الرافضة للتجديد كما اتضح لنا هي العاصمة الأوكرانية و ليست موسكو الباحثة عن السلام الحقيقي وسط الحرب ، و عين " كييف " على تحقيق خسارة مالية لموسكو ، بينما خسارتها المالية السنوية ستصل إلى 800 مليون دولار جراء توقيف الغاز فقط في زمن حاجتها للمال في الحرب و السلام ، و لإعادة البناء ، و الجانب الروسي المتوقع أن يخسر خمسة مليارات دولار سنويا ، سيجد طريقا بديلا لضخ الغاز لأوروبا ، و هاهو الان ، يضخ الغاز عبر " السيل التركي " إلى ( رومانيا ، و اليونان ، و مقدونيا الشمالية ، وصربيا ، و البوسنة و الهرسك ، وهنغاريا بحجم 15 مليار متر مكعب .
وبغض النظر مع أية جهة في الحرب الأوكرانية يمكن أن يساند الرأي العام العالمي ، فإن الجهات المتضررة هي الشعوب ( الروسية ، و الأوكرانية ، و الغربية ) ، و الأصل فصل السياسية و العسكرة عن الأقتصاد ، فحين يحل السلام سيتم تجميد السياسة و العسكرة لصالح الاقتصاد و التنمية الشاملة لشعوب تلك المناطق الجغرافية . و مشكلة الغاز الروسي لأوروبا عبر أوكرانيا بدأت تظهر عام 2022 مع اندلاع الحرب الأوكرانية ، و شهد عام 2023 ضخ 15 مليار متر مكعب من إجمالي استهلاك الاتحاد الأوروبي ، وتم توقيف ضخ الغاز لأوروبا بأمر من وزير الطاقة الأوكرانية جيرمان جلوشينكو ، و تباهى بخطوته هذه ، بينما انقلبت على بلاده رأسا على عقب ، لدرجة طالبت فيها سلوفاكيا بقطع الكهرباء عن " كييف " و مطالبتها بالتخلي عن جزء من أراضيها لروسيا ، وهو مطلب متكرر للقيادة الأمريكية أيضا التي يتقدمها دونالد ترمب اعتبارا من تاريخ 20 يناير 2025 .
لا يوجد في دنيانا عاقل يقف مع الحرب الأوكرانية أو بإمكانه أن يقف مع تواصلها ، فالحرب مصيبة بشرية لايرى حقيقتها إلا المواطن المتضرر منها مباشرة ، و الروس و الأوكران جيران و أخوة ،و يعشيون حالة واحدة ، و يراقبون الحرب و يرقبون السلام كل يوم ، لكن روسيا التي أعرفها عن قرب صبرت كثيرا ،و احتارت بما فعله التيار البنديري الأوكراني المتطرف و النظام السياسي الأوكراني في الجوار جنوبا، وجاءت العملية العسكرية الخاصة ردة فعل دفاعية ، ولم تقصد الهجوم على أوكرانيا من أجل الهجوم ، ولم تقبل روسيا بأن تبقى صامتة على بيع أوكرانيا لذاتها للغرب الأمريكي و للناتو ، و تعتبر كل أوكرانيا ( روسيا الصغيرة ) بالنسبة لروسيا، ولم ولن تقبل لأي جيش معادي أن يقترب من حدودها حفاظا على أمنها القومي ، وهكذا فعلت في الزمن السوفيتي وسط ملف أفغانستان عام 1979 ،وحذرت مرارا من ذلك وفي مقدمتهم الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف . و أغرق الغرب أوكرانيا بالمال الأسود الكبير و بالسلاح المماثل ،و النتيجة التي وصل لها إلى جانب العاصمة " كييف " – صفر – ولم يتم االلجوء للقانون الدولي، ورواية الهجوم المضاد و في كورسك أفشلتها روسيا في مكانها ، و روسيا تتقدم عسكريا صوب نهر الدنيبر بعد تحرير خمسة أقاليم هامة منها ما يشكل مخزونا عالميا للفحم مثل (القرم ، لوغانسك و دنيتسك " الدونباس ، و زاباروجا و خيرسون ) ، و المشروع التحريري الروسي يشمل خاركوف و أوديسا . وكلما استمرت الحرب كلما خسرت دولة " كييف " أكثر ، و سلام ضعيف خير من حرب مدمرة ليس على أوكرانيا فحسب ،و إنما على الحضارات و البشرية جمعاء . و العالم ،و الغرب ، و أمريكا يعون قوة روسيا العسكرية على المستويين التقليدي و النووي المرعب ،و الأفضل عدم تجريبها ، و الأقتصاد الروسي ناهض بإستمرار في أسيا ، و في غرب و جنوب العالم انطلاقا من التوجه الروسي تجاه تعددية الأقطاب القادر على افشال احادية القطب . ونعم لإنتهاء كافة الحروب في شرقنا الأوسط أيضا ، و نعم للسلام العادل المشرف الذي تقبل به الشعوب و ليس الدول فقط.