على الرغم من الإنجازات الإيجابية والتحولات الجذرية في الخدمات الحكومية المقدمة، وفي ظل النداءات المستمرة والتصريحات المتكررة من قبل المسؤولين على مختلف مستوياتهم الوظيفية بضرورة توفير بيئة عمل متكاملة في جميع القطاعات الحكومية وأهمية تقديم الخدمات المميزة للمواطنين؛ وبعيداً عن ما هو موجود وما هو مفقود، ما هو إيجابي وما هو سلبي في الهيكل الحكومي، يطرح البعض التساؤل الآتي: لماذا تعاني بعض أجهزة الدولة من البيروقراطية في التعامل مع المعاملات اليومية؟ في السلوكيات الخاطئة من البعض وفي ضعف المتابعات أو تعارض المرجعيات…؟
قبل فترة قصيرة، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامج "تصفير البيروقراطية الحكومية"، وهي مبادرة طموحة تهدف إلى إصلاح هيكل العمل الحكومي لتعزيز كفاءة وجودة الخدمات، حيث يرتكز البرنامج على مبدأ الإنتقال من إجراءات حكومية مطولة كثيرة المتطلبات إلى إجراءات مبسطة ومختصرة، وذلك من خلال دمج الإجراءات المتشابهة وإلغاء الإجراءات غير الضرورية، واختصار المدة الزمنية لإنجاز أي إجراء عبر الحد من المتطلبات غير الضرورية وتبسيط شروط الإجراءات القائمة.
إن التمسك الحرفي بالقوانين والإجراءات والتعليمات من قبل بعض الموظفين دون أي مرونة، وأخذ وقت طويل لإتخاذ القرار يعيدنا إلى المصطلح الذي أعاق عملية التقدم في أكثر من مناسبة وهو "الأيادي المرتجفة"، حيث يضع البعض تركيزه الأكبر على تطبيق اللوائح بطريقة صارمة، وخوفه من إتخاذ القرار الأفضل للوطن والمواطن، تجنّبا لأي مشاكل أو تجاوزات أو مساءلات، فالسكون يعني عدم الوقوع في الخطأ، ولكنّه يؤدي إلى ضياع الوقت وفقدان الثقة وعدم القدرة على تحقيق الأهداف المطلوبة!
إن تبسيط وتقليص الإجراءات الحكومية، إلغاء التعقيدات والمتطلبات غير الضرورية، الإرتقاء بمستويات الكفاءة والجودة والمرونة، تسهيل حياة كافة أفراد المجتمع والمتعاملين من الأفراد والشركات، توفير بيئة محفزة للأعمال وجاذبة للعقول والمواهب، كل هذه الأمور أصبحت اليوم ضرورة وطنية وليس حاجة ترفية…!
لقد حان الوقت اكثر من اي وقت مضى لتحقيق الانتقال من إجراءات حكومية مطولة كثيرة المتطلبات إلى إجراءات مبسطة ومختصرة، من خلال دمج الإجراءات المتشابهة وإلغاء الإجراءات غير الضرورية، واختصار المدة الزمنية لإنجاز أي إجراء عبر الحد من المتطلبات الغير الملزمة وتبسيط شروط الإجراءات القائمة، فكل ذلك من شأنه ان يساعد بشكل كبير في زيادة عجلة الاقتصاد الوطني، وسيساهم في جذب الإستثمار المحلي والأجنبي؛ أما إصرار البعض على تعقيد الإجراءات وتعدد المرجعيات وتأخير المعاملات، فإن ذلك سيؤدي إلى نفور المستثمرين المحليين والخارجيين، وتعقيد حياة المواطنين والمقيمين !.