ما ان تتشكل الحكومة حتى يبدأ مسلسل اضعافها، وتبدأ الإشاعات تدور حولها قبل أن تبدأ العمل.
هذه ملاحظة لا تخص حكومة بعينها بل انها تصاحب كل الحكومات؛ اذ سرعان ما تداهمها آراء ومواقف متباينة فهذا لا يعجبه وزير وذاك لا يرضيه قرار وثالث يفتش عن مثالب.
تسبيب المثال حول تقرير ديوان المحاسبة الى منصة للهجوم على الحكومة.
ليس هنا مجال تحليل ما ورد في التقرير الاخير لديوان المحاسبة لكن يكفي ان ننوه الى ان الديوان هو مؤسسة أنشأتها الحكومة للرقابة على اعمالها بمعنى ان الحكومة تراقب نفسها ذاتيا.
ديوان المحاسبة لم ينشأ لإنتاج فضائح بل من أجل تصويب الاخطاء ومنع ارتكاب المخالفات التي يجري تصويبها على مدى السنة لكن الديوان مثل كل المؤسسات التي تعتني بالاحصاء تورد ما تم تصويبه وما لا زال عالقا في تقريرها السنوي.
التقرير مهم بالنسبة للحكومة اكثر من غيرها فهو يفتح عينها على ممارسات ارتكبها جسدها البيروقراطي وهو اداة رقابية مهمة.
لكن هناك من يتعجل فيصف المخالفات التي ترد في التقرير بأنها فساد فان كان الامر كذلك باصدار الاحكام مسبقا فماذا بقي من دور القضاء؟..
التقرير يخص معاملات أجريب في عهد حكومة سابقة وهي لم تعد قائمة دستوريا للدفاع عن نفسها وليس معنى هذا ان هذه الحكومة غير مسؤولة بل على العكس هي تقوم بدورها في التصويب والايضاح والدفاع على اساس المسؤولية التراكمية.
مثل هذه التقارير يجب ان تدفع المسؤول الى الجمود والتردد بل على العكس اذ يمكن اعتبارها اعترافا بخطأ يجب تصويبه وعلى المسؤولين المضي قدما في برامجهم.
يقال ان الشعب الاردني ملول يرغب دائما بالتغيير.
كاتب هذا العمود لا يتفق مع هذا الرأي مع ان بعضنا يعيش في حالة تفتيش دائم عن الاخطاء فان لم يجدها يبتكرها.
قوى متعددة ومنذ اليوم الاول لتشكيل اي حكومة تبحث عن منصات لتتدخل اما بالوصاية او بالنقد والهدف هو تجميد حركة الحكومة وعرقلة قيامها بالتزاماتها وقناعاتها حتى لا تتقاطع سياساتها مع مصالح هذه القوى.
في الظل، جهات متعددة تتصدى للقيام بوظائف الحكومة، والتخطيط لأعمالها، فتنتقد قراراتها، ان لم تأتِ بما يسرهم وتنتقص من تأثير بعض القرارات مع انها واضحة.
كل ذلك يأتي في سياق مسلسل يهدف الى اضعاف الحكومة ومحاصرتها وهناك من لا يحب لها ان تنجح لان نجاحها يعني زيادة رضا الجمهور وليس في ذلك مصلحة فالمراد هو حكومة غير مستقرة تنشغل بالدفاع على حساب العمل.
الاسبوع الفائت لاحقت الحكومة إشاعات التعديل فهناك من لا يستهويه وزير فيريد ان يستبدله بآخر وغير ذلك من الاسباب.
التعديل الوزاري يصبح مشروعا عندما تكتمل مرحلة التقييم التي يجريها رئيس الوزراء الذي يتابع اداء وزرائه على اساس التناغم والانسجام مع البرنامج وليس على اساس الرغبة الشخصية كما يحب البعض ان يدفع بها سببا للتعديل.
ميزة الاستقرار ضرورية لتنفيذ الحكومة برامجها وقراراتها. واداؤها هنا اساس الحكم عليها ومن السهل العثور على مواطن الضعف والعجز، لكن مواطن القوة والانجاز على الارض لا يمكن تغطيتها.
مطلوب آراء موضوعية من جهات تحركها المصلحة الوطنية وليس المطامع الشخصية.
قلنا ونقول، دعوا الحكومة تعمل، وقوموها إذا انحرفت فهي لا ينقصها ادوات الرقابة سواء مجلس النواب او ديوان المحاسبة او هيئة النزاهة والمواطن والاعلام ورقابتها الذاتية.
الرأي