نصيحة محب .. أم ثمن تجارب؟! .. القرار لك ..
محمود الدباس - ابو الليث
05-01-2025 09:37 PM
في زحمة الحياة وتقلباتها.. نقف مراراً عند مفترق الطرق.. بين خوض التجربة بأنفسنا.. وبين الاستفادة من نصائح من سبقونا.. فكثير منا.. يعتقد أن التجربة الشخصية.. هي الوسيلة الوحيدة لفهم الحياة.. واكتساب الحكمة.. ولكن.. هل يمكننا تجاهل قيمة النصيحة الصادقة.. التي تأتي ممن يحبوننا.. ويريدون لنا الخير؟!..
النصيحة ليست عبئاً يُثقل كاهلنا.. أو يحد من حريتنا.. بل هي مصباح يُنير لنا طريقاً.. قد يكون مليئاً بالمخاطر.. التي لا ندركها..
إن العاقل.. هو من يدرك أن الوقت محدود.. وأن الحياة قصيرة ولا تسعفنا لخوض كل التجارب بمفردنا.. فكل خطأ يُرتكب.. وكل درس يُتعلم.. يأتي بثمن.. وقد يكون هذا الثمن باهظاً على المستوى المادي.. والعاطفي.. والنفسي.. ولعل أكثر الأخطاء شيوعاً.. هو الاعتقاد بأن التعلّم من تجارب الآخرين.. يقلل من قيمتنا واستقلاليتنا.. أو من قدرتنا على اكتشاف الحياة بأنفسنا.. والحقيقة هي العكس تماماً.. فالأخذ بالنصيحة.. لا يُلغي التجربة.. بل يُضيف لها بعداً أعمق.. فيجعلنا نخوضها بخطى أكثر ثباتاً.. وثقة..
في بيئات تختلف فيها الأخلاق.. والقيم.. والمبادئ.. والعادات.. قد تكون كلمة عابرة.. أو تصرف بسيط.. او إيماءة لا نأخذ بالاً لها.. سبباً في سوء فهم.. أو موقف مغلوط.. او قرار لا تُحمد عقباه.. وهنا يظهر دور المحب.. أو الناصح.. الذي يرى بعين خبرته ما قد لا نراه.. فينبهنا إلى ما يجب أن نحذر منه.. ليس تقييداً لنا.. بل حمايةً من الشِراك الخفية.. التي لا نراها لطيبتنا وحسن ظننا..
وهنا.. نجد أن قبول النصيحة من المحبين.. ليس ضعفاً.. بل هو قمة النضج والفطنة.. لأننا بذلك.. نجمع بين تجربتنا الشخصية.. وتجارب الآخرين.. لنصنع رؤية أوسع وأشمل..
والسؤال المُلح.. والذي يجب ان نسأله لأنفسنا.. لماذا لا نبدأ من حيث انتهى الآخرون؟!.. ولماذا نصر على إعادة اختراع العجلة.. بينما يمكننا استثمار الوقت.. في التقدم نحو أهدافنا؟!..
الحكمة الحقيقية تكمن في الموازنة بين التجربة والنصيحة.. في أن نسمح للحب الصادق.. والخوف علينا.. أن يكونا دليلاً إضافياً في رحلتنا.. فالاستماع إلى من يحبوننا.. ليس تخلياً عن الاستقلالية.. بل هو خطوة نحو نضج.. يجعلنا نعيش الحياة بأقل خسائر.. وأعمق فائدة..
وعلينا أن نعي جيداً.. أن الحياة قصيرة.. فلا نضيعها في التجارب التي يمكن تفاديها.. ونستمع لمن يرى فينا النور.. الذي قد يعمينا عن بعض الزوايا التي تخفى علينا.. لأن التجربة التي تُبنى على نصيحة محب يريد لنا الخير.. هي تجربة مضاعفة الأثر والمعنى.. وبهذا التوازن بين الخبرة والحكمة.. نصنع حياة أكثر استقراراً.. وعمقاً.. وتكاتفاً.. ونشعر باهمية من يريدون بنا الخير.. ومشعرهم بأهميتهم في حياتنا..