تمثل محافظة السويداء السورية القطاع الأوسط الجبلي من الحدود الاردنية السورية ، وتمثل السويداء التجانس الديمغرافي الوحيد نسيباً ضمن المحافظات السورية لكون اغلب سكانها من طائفة الموحدين الدروز وهم من العرب الاقحاح مع وجود للقبائل البدوية في شرق وجنوب المحافظة، ومثلت الطبيعية الوعرة للمحافظة وتداخل هذه الطبيعة في الشمال الاردني خاصة اذا علمنا ان بعض الارتفاعات تصل في مناطق تل ارماح وخشاع القن في محافظة المفرق الى 1200م فرصة لعصابات المخدرات والاجرام لبث سمومهم باتجاه الوطن سيما مع فراغ السلطة هناك منذ الازمة السورية التي اندلعت في آذار 2011م.

وساهمت السياسة الداخلية التي اتبعها النظام السوري السابق لتعزيز سطوته من خلال تخويف الاقليات من الاغلبية في شعور سكان المحافظة بالانعزال فضلاً عن قلة الموارد الاستثمارية والحيوية فيها حيث بقي طابعها الزراعي بالنظر لدرعا المجاورة التي يقع ضمنها مركزي نصيب ودرعا الحدوديين مع الاردن اللذان ساهما بتطوير حركة المرور الاقتصادية فيها ، فكان أن استغل صانعي ومهربي السموم المخدرة من خارج السويداء ارتفاع نسبة البطالة بين شبابها وطبيعة حدود المحافظة مع الاردن والتي يغلب عليها منطقة الحرة البازلتية والتي يصعب غليها على المركبات السير فيها ، فكانت هذه المنطقة الممر التقليدي الاسهل بالنسبة لهم لتهريب بضاعتهم السامة باتجاه الاردن ومنها لدول الجوار الاخرى .

ومع قدوم الحكام الجدد في الشام فأن من مصلحة الاردن تنبيهم لخطأ سياسة النظام السابق بما يخص السويداء وهي السياسة التي كان لها فصلها السلبي الخاص بالنسبة للأردن في الأزمة التي عصفت بالشقيقة الشمالية ، ففي الوقت الذي كان جيش الاردن يستقبل لاجئيها الاستقبال الانساني الامثل كان هذه الجيش في حالة حرب مستمرة مع عصابات الاجرام والسموم القادم منها حيث استشهد على اثرها عددا" من جنوده ، والاعتقاد بأن النهوض بواقع السويداء الاقتصادي والتنموي سيساهم كحل جذري ووقائي بالقضاء على عصابات الاجرام هو اعتقاد يستوجب على حكومتنا التباحث حوله مع الحكومة السورية الجديدة ، سيما انه كان هنالك في السابق فكرة لفتح مركز حدودي في منطقة دير الكهف ومنطقة قارة في السويداء المقابلة لها ولا شك ان هكذا فكرة ان طبقت ستساهم في النهوض الاقتصادي والاجتماعي الشامل على جانبي الحدود .

السويداء التي تعانق شمالنا الاردني وصولاً للعاصمة عمان من خلال قمتي ابوقليب وتل الاحمر البارزتان دائماً وتضم في ترابها رشيد طليع اول رئيس وزارة أردني تمثل كل جميل ، فهي ستحدثك على لسان شيخها سلطان باشا الاطرش عن استقبال الهاشميين في الاردن له ودعمه خلال ثورته ضد الاحتلال الفرنسي لسورية ، ومنها صوت فهد بلان وهو يشرح لنا عن طفولته في منطقة الغويرية الزرقاوية، وستضيفك الدبس المصفى من كرومها العذية الذي كنا اطفالاً نتسابق عتغميسه بفرح ، ومنها ايضاً حكايات ابو نايف بومالحة وابو نمر بوقعقور في مسلسهما الشعبي الخربة المحاكي لمجتمعاتنا العربية يايجابياتها وسلبياتها ، وهي فوق ذلك تمثل جزئية مهمة في امننا الوطني للتباحث الجاد مع صانعي القرار السوري الجديد.

* ماجستير في الدراسات الاستراتيجية والاعلامية