و«بَعديْن» مع «إخواننا» !
صالح القلاب
09-06-2011 04:00 AM
بمجرد الإعلان عن قانون الانتخابات الجديد، في إطار ما أنجزته لجنة الحوار الوطني على هذا الصعيد وعلى أصعدة أخرى, بادر الإخوان المسلمون، ربما قبل أن يقرأوه, إلى القول أنه غير كافٍ وأعلنوا أنهم سيواصلون «حراكهم» الشعبي وهذا يدلُّ على عدمية سياسية، وليسمحوا لنا, وأيضاً على تحجّرٍ وعلى أنهم يرفضون «عشوائياً» ومن أجل الرفض فقط.
لو أنهم جماعة حية، كما يقولون, ولو أنهم مؤهلون لتصدر العمل السياسي في هذا البلد وفي غيره لتريثوا قليلاً ولاستعانوا بقانونيين لديهم المعرفة والخبرة لدراسة مشروع قانون الانتخابات, الذي توصلت إليه لجنة الحوار الوطني بعد «نشاف ريق» وجاء في هيئة نتفٍ ملصقة بعضها ببعض كتعبير عن وجهات نظر القوى والاتجاهات المشاركة في هذه اللجنة, دراسة ايجابية بعيدة عن التشنج التنظيمي والنكايات والمواقف المسبقة.
وكان الإخوان المسلمون، وليس الحركة الإسلامية إذْ كلنا حركة إسلامية ولكن بدون تحزب ولا حزبية سياسية, قد سارعوا وبالطريقة ذاتها إلى رفض انضمام هذا البلد إلى مجلس التعاون الخليجي بحجج واهية ومخاوف مفتعلة تنبع من نوايا غير حسنة، بل سيئة, وكل هذا قبل أن يعرفوا شيئاً عن هذه المسألة ولا كيفية اتخاذ قراراها وأيضاً قبل أن يستمعوا إلى خبير اقتصادي واحد يوضح مكاسب الأردن ومخاسره إذا كانت هناك مخاسر من هذا الانضمام.
وهذا يُظهر ويؤكد أن الإخوان المسلمين «إخواننا» لم يستوعبوا، مثل إخوانهم في مصر وتونس وربما أيضاً في سوريا, إن حركة التاريخ في هذه المنطقة وفي العالم الإسلامي لم تتوقف عند حسن البنا، رحمه الله, وأن مواصلة «الرفض» ومواصلة «المعارضة» لم تعد مقبولة بعد أن غشى هذا الـ»تسونامي» الثوري والسياسي المنطقة ومع العِلْم أن «إخواننا» كانوا شاركوا في حكومات سابقة وكانت قيادتهم في تلك المراحل تتعامل مع الأمور بعقلية بالغة وراشدة وعلى أساس أن مصلحة الأردن فوق كل المصالح الشخصية والحزبية.
لقد رفض الإخوان المسلمون المشاركة في لجنة الحوار الوطني استعداداً لهذه اللحظة وحتى يقولوا أنهم لا يوافقون على شيء لم يشاركوا في بلورته وحتى يبقوا يمتطون خيول الرفض الجامحة لأنهم، رغم كل ما قالوه ورغم «فواردهم» الأسبوعية «من عند المسجد الحسيني, ليس لديهم أي تصور جديًّ لاستحقاقات هذه المرحلة المستجدة وليس لديهم إلاّ تلك المسلمات التي رددوها ألف مرة والتي لم تعد مقنعة لا لشبابهم المتأثرين بما يجري في هذه المنطقة ولا للشعب الأردني الذي ملَّ كل هذه الألاعيب السياسية وبات يريد أن يرى انجازات حقيقية على الأرض.
الآن تشهد هذه المنطقة تحولات تاريخية جذرية ويقيناً أنه إن لم يتلاءم الإخوان المسلمون «إخواننا» مع هذه التحولات ويخرجوا من قوقعتهم السابقة ويُكيَّفوا أنفسهم تنظيمياً وسياسياً مع توجهات الشباب الذين هم قادة هذه المرحلة فإنهم سيجدون أنفسهم وقريباً أنهم في وادٍ وحركة التاريخ في وادٍ آخر.
(الرأي)