أجل، هذا ما يجب أن يفهمه ويعمل بموجبه كل ممثلي الدول التي بعثت وزراءها ومدراء مخابراتها على مدى الأسابيع منذ الثامن من ديسمبر الماضي الى دمشق، في حجيج منقطع النظير، ولم يستطع بعد أركان الحكم الجديد من تثبيت أقدامهم ونشر الأمن في الربوع السورية، ووأد محاولات فلول النظام السابق والمتكسبين منه بإثارة الفوضى في بعض المدن والمناطق السورية.
زار وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا اليوم سجن صدنايا، للاطلاع على جحيم الجرائم المرتكبة ضد أبناء الشعب السوري(طبعاً نتمنى أن تتبع ذلك زيارة هذين الوزيرين الى غزة وجنوب لبنان، للاطلاع بأم أعينهم على حجم الجرائم والتدمير للمتلكات، الذى قارفته سلطات الاحتلال بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني في عدوانها المتواصل عليهما).
التقى الوزير الفرنسي ممثلي المجتمع المدني، وأكّد على احترام فرنسا لسيادة سوريا وحرية شعبها، ولا شك أنّ هذا مطلب أساسي، يتعيّن على كل الدول المجاورة والدول الإقليمية، أو الدول الأخرى، أن تدفع باتجاه دعم ثورة السوريين لبناء مؤسساتهم لسوريا جديدة، وإقامة علاقات ندّية، تحترم مبادئ القانون الدولي، وعدم التدخل بالشأن السوري، وهو ما أكدّه الأردن غداة نجاح الثورة السورية، في تصريحات ملكية قاطعة، وخلال زيارة قام بها وزير الخارجية الأردني لدمشق، أكدّت على وقوف الأردن الى جانب سوريا، ودعمها، وفتح المعابر، ومدها بالكهرباء٠
كانت التجربة السورية منذ ٢٠١١ كارثية، إذ أنّ النظام لم يستجب لمطالب شعبه، واستعان بالقوى الخارجية، ووظّف البعد الطائفي لقمع شعبه وتهجيره، وتدمير مدنه وقراه، وضربه بالكيماوي والبراميل المتفجرة، في مشاهد يرثى لها وتشيب لها الطفولة. بيد أنّ ذلك لم يضمن للحكم الاستمرار، بل آثر الهروب من البلد بطريقة مشينة.
على الإدارة الجديدة في سوريا أن تلتقط الرسائل من كل من زار أو تواصل مع قادة النظام الجديد من الدول العربية وغيرها، ومن بينها عدم إقصاء أيّ فئة أو طائفة أو أقلية، وحماية وحدة سوريا الإقليمية، والمحافظة على علاقات حسن الجوار، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان الحرية وحقوق الإنسان لجميع السوريين.
إنّ أكبر خطر يواجه سوريا الجديدة هو العدوان الإسرائيلي على أراضيها ومقدراتها الدفاعية مغتنماً التحولات الجديدة، وأن تنأى الدول التى ربطت علاقتها بسوريا عبر النظام السابق، على أسس ومرتكزات جديدة دون إملاءات، وأن يتفق عليها مع الوضع الجديد في الجمهورية السورية.