ما بين صيدنايا وسدي تيمان نفاق الغرب
خولة كامل الكردي
03-01-2025 09:49 PM
في زيارة لوزيري خارجية ألمانيا وفرنسا للعاصمة دمشق، توالت التصريحات من الوزيرين يعربان فيها عن أملهما في أن يعم السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي ربوع سوريا بعد الأسد، وتلك التصريحات التي في ظاهرها خوف الاتحاد الأوروبي على مستقبل سوريا، و الوعد بمساعدتها في تحقيق انتقال سلمي للسلطة وجهود الإعمار، و بصفته يمثل المعسكر الغربي والذي ترتفع فيه أعداد الدول المنضوية تحته، في باطنه يعلم جيداً الدور الغير النزيه الذي قام به في سوريا فترة الحرب الأهلية، وقواعده العسكرية تتمدد على أرض سورية الأبية، والسؤال الأكبر: ماذا كانت تفعل تلك القواعد العسكرية؟! هل كانت ترمي الورود على السوريين؟
ولطالما أظهر الغرب نفسه كحمامة سلام للدول التي عانت من الحروب والنزاعات الأهلية والفقر، يبرز فجأة ليقدم "يده البيضاء" لمساعدة تلك الدول على النهوض وتمويل المشاريع التنموية والمشاركة المجتمعية وضمان التشاركية لجميع الطوائف والأقليات، والتي في ثناياها مطامع لا تخفى على أحد، فحرية التعبير التي يدعيها الغرب هو أبعد ما يكون عنها. يصم أذنيه عن الفظائع والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية كل يوم، ويغض الطرف وكأنه أصيب بالعمى عن الممارسات الوحشية بحق الشعب الفلسطيني والتوسعية على أرضه، من وحي مصالحه العليا مع دولة الاحتلال، بيد أنه وعندما سقط نظام الأسد، أصبح الحمل الوديع الذي يرق قلبه للمآسي التي تعرض لها الشعب السوري الشقيق، وفي مشهد يثير الاشمئزاز عندما يزور الوزيران سجن صيدنايا سئ السمعة، والذي ذاق فيه الشعب السوري العذابات والآلام، ليعبر الوزيرين عن الصدمة، جاءوا ليتاجروا بأوجاع الشعب السوري وينددون بوحشية النظام، والظاهر أنهم نسوا أو تناسوا مخابراتهم القابعة في غلاف غزة تمد المحتل المجرم بالمعلومات الاستخباراتية والعتاد والسلاح ضد مقاومين أبطال يقاومون بأبسط الأسلحة ويتبجحون و يسخرون الدبلوماسية له، مما دفع الاحتلال الإسرائيلي للتمادي ويشطت في ظلم أهل غزة والتغول في سفك دمه، وإهانته وإذلاله واعتقاله وامتهان كرامته الإنسانية والتباهي في ذلك، وتدمير ممتلكاته ووطنه بل وحياته.
يستنكر الوزيران ما حصل للمعتقلين السوريين في سجون النظام السابق، والتظاهر بلامبالاة عندما تتسرب أخبار عن المعاملة السيئة التي يلقاها المعتقلين الفلسطينيين خاصة من غزة، فكم روح أزهقت؟! وكم جسد انتهك باعتداء وحشي لا يصدر إلا عن أشخاص تجردوا من آدميتهم، فما الفرق بين معتقل سدي تيمان وبين سجن صيدنايا؟! لا شيء سوى المصالح...وما خفي أعظم! شبع العالم من رياء وكذب الغرب، وغزة أكبر شاهد في مجازر لم يشهدها التاريخ الحديث من قبل، وهنا نتذكر الحديث الشريف: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".