facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جُرف الصخر بلدة عراقية أصبحت بؤرة صراع إقليمي ودولي


داود عمر داود
03-01-2025 05:17 PM

تبعد منطقة "جُرف الصخر" مسافة ستين كيلومتراً جنوب غرب بغداد، وأغلب سكانها من الفلاحين الذين يعملون بالزراعة، كونها تقع على نهر الفرات. وتكثر فيها زراعة النخيل وأشجار الفاكهة، والمحاصيل الحقلية كالقمح والشعير.

وقد سيطر عليها تنظيم "داعش"، في أوج نشاطه، إلى أن استولت عليها مليشيات "الحشد الشعبي"، التابعة لإيران، في أكتوبر تشرين أول 2014. وقامت بطرد سكانها، البالغ عددهم 140 ألف نسمة، وجعلت من بلدة "جُرْف الصخر" أكبر قاعدة عسكرية للفصائل المسلحة الموالية لإيران، أقامت فيها منشآت ضخمة، فوق الأرض وتحتها، نظراً لموقعها الاستراتيجي.

"جُرف الصخر": منطقة عسكرية مغلقة:
ومنذ ذلك الحين، أعلنت المليشيات الإيرانية "جُرف الصخر" منطقة مغلقة يُمنع دخولها على المسؤولين العراقيين، وحتى على أهل المنطقة، وذلك للإخفاء عن حكومة العراق ما يجري فيها من نشاطات عسكرية، لصالح إيران. الأمر الذي يشير إلى أن هناك أمراً خطيراً جداً يجري إخفاؤه، من قبل مليشيات إيران. وقد أثار إغلاق المنطقة شكوكاً محلية ودولية حول طبيعة النشاطات العسكرية التي تريد إيران إخفاؤها هناك. وقد كثُرت التقارير الدولية التي تحاول فك لغز ما تحتويه هذه البلدة العراقية الصغيرة.

ولم تتمكن حكومات العراق المتعاقبة من إقناع الفصائل بمغادرة "جُرف الصخر" التي يلفها الغموض، أو السماح بعودة سكانها إليها. وفي ذات مرة استقبل حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وفداً من مهجري "جُرف الصخر" طلبوا مساعدته في عودتهم الى مزارعهم وبيوتهم. فما كان من العبادي إلا أن رد عليهم بأنه لا يستطيع مساعدتهم، وأن عليهم أن يذهبوا إلى المرشد الإيراني علي خامنئي!!

تصنيع مسيرات وصواريخ وتخزين أسلحة متطورة:
ويقول خبراء عسكريون عراقيون إن هناك 3 منشآت عسكرية مهمة، في "جُرف الصخر"، إضافة إلى المجمع الصناعي العسكري من عهد صدام حسين. وأن المنطقة تُستخدم لاختبار القذائف والصواريخ. كما يوجد فيها منشآت ضخمة تحت الأرض، محصنة ضد الهجمات العسكرية، وبالإمكان إخفاء الكثير داخل تلك الأنفاق الكبيرة، كمراكز تصنيع الصواريخ والمسيرات، وتخزين الأسلحة المتطورة. كما يقال إن في "جُرف الصخر" سجوناً ومعتقلات سرية تؤوي كل من يخالف سياسة إيران في العراق.

ضغوط أمريكية لإخلاء "جُرف الصخر":
اتصف موقف حكومات العراق، بشكل عام وعلى الدوام، بالخضوع التام للارادة الإيرانية. وكانت سياسة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسمح بهذا "التوافق" بناء على نهج معلن من قبل الإدارات الديمقراطية، منذ عهد أوباما، بـ "إرضاء إيران".

بينما نجد أن سياسة الرئيس الجمهوري ترامب تجاه إيران ستكون متشددة بعكس سياسة بايدن. إذ بدأ ترامب مبكراً، حتى قبل توليه منصبه، بممارسة ضغوطٍ كبيرة على حكومة محمد شياع السوداني الحالية كي تتخذ خطوات لإنهاء الوجود الإيراني في العراق، عن طريق حل مليشيات "الحشد الشعبي". إلا أن السوداني، الواقع بين نارين، إيران وأمريكا، يراوغ ويحاول اتخاذ خطوات غير فعالة، في محاولة يائسة لإرضاء ترامب، ودون إغضاب إيران.

السوداني يناور لإرضاء ترامب:
لقد مارس ترامب ضغوطاً كبيرة على حكومة السوداني، حيث كان قد أنذره، خلال اتصال هاتفي، بأنه يريد أن يرى حل مليشيات " الحشد الشعبي" وإلا ستقوم القوات الأمريكية بقصفها.

ويبدو أن السوداني تدبر أمره وخرج بحل وسط. فقد تسربت أخبار، خلال الأيام الماضية، أن "جُرف الصخر" شهدت تحركات عسكرية وصفتها مصادر أمنية عراقية رسمية بأنها كانت مجرد تسليم بعض مواقع المليشيات لقوات الجيش العراقي والشرطة، فيما لم تنسحب الفصائلُ بشكل كاملٍ من المنطقة. وتخضع "جُرف الصخر" لمراقبة أمريكية ودولية حثيثة، وكانت هدفاً دائماً للغارات الجوية الأمريكية، طالت مخازن سلاح، ومنصاتِ إطلاق للمسيرات.

الحيلولة دون بقاء العراق أداة بيد طهران:
الهدف الأمريكي مما يجري في "جُرف الصحر" هو هدف استراتيجي واضح، عنوانه الأبرز "منع العراق أن يظل أداة بيد طهران". أما عناوينه الفرعية فمنها على سبيل المثال: "حصر السلاح بيد الدولة"، "حصر العراق للعراقيين"، "وقف تهريب النفط"، "وقف اعتداءات الحشد الشعبي على المواطنين"، "وقف إطلاق الصواريخ والمسيرات"، "عدم القبول بالعلاقة التوافقية بين حكومة بغداد وفصائل إيران المسلحة"، وغير ذلك من مبررات كلها تصب في تحقيق الهدف الأساسي الذي تريده الولايات المتحدة، المتمثل في إخراج إيران من العراق، تماماً كما خرجت من سوريا.


خلاصة القول: "جرُف الصخر" ستحدد مصائر دولٍ وشعوب:
وهكذا فإن ما يجري في هذه البلدة العراقية الصغيرة المغمورة، "جُرف الصخر"، المغلقة والتي يلفها الغموض منذ أكثر من عشر سنوات، هو ما سيحدد مصير "المشروع الإيراني" في المنطقة.

فإذا نجحت إدارة ترامب في إنهاء الوجود العسكري الإيراني في العراق، سلماً أو حرباً، فإن ذلك سيسهّل عليها إعادة "حزب البعث" إلى الحكم في بغداد، والتخلص للأبد من هيمنة إيران.

ومن ثم سيسهّل عليها تغيير النظام الإيراني، إما بإعادة حكم الشاه، أو تقسيم البلاد، مما سيضع حداً لأحلام ملالي طهران، بإحياء إمبراطورية فارس القديمة.

لذا نجد أن "جُرف الصخر" فعلاً أصبحت بؤرة صراع إقليمي ودولي سيحدد مصائر دولٍ وشعوب، كُتب عليها، في زماننا هذا للأسف، أن تكون خاضعة لهذا أو لذاك!!! خياران أحلاهما مر، إما الروم أو الفرس!!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :