"المشكال": عدسة لرؤية المستقبل
صالح سليم الحموري
02-01-2025 02:38 PM
المستقبل، مثل "المشكال"، يعج بالألوان والصور المتغيرة التي تندمج لتخلق رؤى لا حصر لها. هذا الجهاز البسيط الذي كان يدهشنا في طفولتنا يحمل درسًا عميقًا عن كيفية النظر إلى الغد: لا يُظهر صورة ثابتة، بل يتغير مع كل حركة، مفتوحًا آفاقًا جديدة لرؤية العالم من زوايا مختلفة.
كما أن كل حركة في المشكال تنتج صورة فريدة لا تتكرر، كذلك هو المستقبل، ينبض بالإبداع والتغيير. التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، الطباعة ثلاثية الأبعاد، والطائرات ذاتية القيادة ليست سوى قطع من مشكال المستقبل. حيث تتداخل الأفكار لتشكّل واقعًا جديدًا يتجدد كل يوم.
في الماضي، كان استشراف المستقبل يعتمد على قراءة الماضي واستخلاص العبر. أما اليوم، فإن سرعة التغير وتعقيد العالم جعلا هذا الأسلوب وحده غير كافٍ. المستقبل اليوم يتطلب رؤية شمولية تتجاوز الخطوط الزمنية التقليدية، رؤية تستلهم من مشكال متجدد لا يخضع لقواعد ثابتة.
هنا يأتي دور أصحاب الرؤية الواضحة الذين لا يستهلكهم الحاضر، بل يرفعون أنظارهم نحو الآفاق البعيدة. إنهم يلتقطون ما يُسمى بـ"الإشارات الضعيفة" التي تبدو مشوشة للوهلة الأولى، لكنها تصبح واضحة عند التركيز عليها. هؤلاء القادة يفهمون أن الحركة المستمرة والمبادرات الجريئة هي مفتاح اكتشاف الفرص غير المتوقعة.
الرؤية المستقبلية ليست مجرد استقراء للخطوط الماضية، بل هي خيال وجرأة على تشكيل الإمكانات. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "المستقبل ملك لمن يتخيله، ويستشرفه، ويخطط له."
المستقبل يشبه المشكال في كونه مليئًا بالمفاجآت، لكنه يتطلب منا المرونة والقدرة على التكيف. القرارات التي نتخذها اليوم هي الحركات التي تحدد أنماط الصور التي سنراها غدًا.
القادة والمستشرفون الذين يملكون عقلًا مبدعًا وقلبًا شجاعًا هم من يستطيعون تحويل هذا التنوع إلى واقع جديد يلهم الأجيال المقبلة. إنهم يرفعون رؤوسهم عن حدود الحاضر، مستثمرين كل ما يقدمه المستقبل من إمكانات.
تمامًا كما كنا ننظر إلى المشكال في طفولتنا بانبهار، يجب أن ننظر إلى المستقبل بنفس الحماس، مسلحين بالشجاعة والإيمان بقدرتنا على تشكيل صورة جميلة ومشرقة.
هل لديك مشكال؟ هل تحب أن تنظر من خلاله؟..
* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية