مؤسسات المجتمع المدني …هل حان وقت الحساب؟
راشد المعايطة
01-01-2025 05:41 PM
تلعب مؤسسات المجتمع المدني دورًا محوريًا في تطوير المجتمعات، إلا أن هذا الدور في الأردن يبدو متعثرًا، غارقًا في تحديات تفقده قدرته على التأثير الحقيقي. فعلى الرغم من الإمكانيات الكبيرة التي تحملها هذه المؤسسات، إلا أن غياب الرؤية الواضحة والتخطيط المدروس جعلها أقرب إلى كيانات شكلية، تكرر نفسها دون أثر يُذكر.
أحد التحديات الكبرى التي تواجه هذه المؤسسات هو ارتهانها للتمويل الخارجي المشروط، الذي يُغير بوصلة أولوياتها لتتماشى مع متطلبات المانحين، لا مع احتياجات المجتمع. هذا الوضع يتفاقم مع غياب آليات رقابة ومساءلة فعّالة، ما أدى إلى اهتزاز الثقة بين المجتمع وهذه الكيانات، خاصة بين الشباب الذين يفترض أن يكونوا الركيزة الأساسية لنشاطاتها.
البيروقراطية الثقيلة داخل المؤسسات، وكذلك في تعاملها مع الجهات الحكومية، تُبطئ عملها وتجعل المشاريع تفتقر إلى المرونة والإبداع. وفي ظل ضعف ثقافة العمل التطوعي، تظل هذه المؤسسات عاجزة عن استقطاب الأفراد الملتزمين بتقديم حلول حقيقية وملموسة.
لكن وسط هذه الصورة المربكة، تظل هناك فرصة حقيقية للنهوض. إعادة بناء دور هذه المؤسسات يتطلب قيادة واعية وشجاعة قادرة على تجاوز الشكلية وإطلاق مشاريع استراتيجية تُحدث تغييرًا حقيقيًا. كما أن إشراك الشباب في صناعة القرار وتقديم مبادرات شفافة ومستدامة يمكن أن يعيد بناء الثقة ويعزز تأثير هذه المؤسسات على المجتمع.
مؤسسات المجتمع المدني في الأردن ليست محكومة بالفشل، لكنها بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم ذاتي. بإصلاح داخلي جاد، وبتوجه يعيدها إلى جوهر رسالتها، يمكن لهذه المؤسسات أن تتحول إلى قوى تغيير فاعلة تُحدث فرقًا في حياة الأردنيين، وتثبت أنها أكثر من مجرد شعارات أو فعاليات عابرة.