facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




غسيل السمعة: بين الواقع والمخاطر المجتمعية


د. اسماعيل ابوعامود
01-01-2025 12:51 AM

غسيل السمعة، أو ما يُعرف عالميًا بـ Reputation Laundering، ليس ظاهرة مستجدة، بل أسلوب متكرر تُستخدم فيه وسائل متعددة لإعادة تشكيل صورة الأفراد أو المؤسسات الذين ارتكبوا مخالفات أو تقصيرًا في أداء مهامهم. هذه الظاهرة تُعد تحديًا كبيرًا لقيم الشفافية والمصداقية، حيث تهدف إلى إظهار صورة إيجابية زائفة تخفي خلفها ماضيًا مليئًا بالإخفاقات.

نشأ هذا المصطلح في التسعينيات، مستوحى من مفهوم "غسيل الأموال"، ويعتمد على تقديم الأفراد أو المؤسسات في صورة تُبرز قيم أخلاقية وإنجازات براقة، بينما يتم التستر على أخطاء جسيمة. وتتجسد هذه الظاهرة من خلال عدة وسائل، أبرزها:

التغطية الإعلامية المكثفة حيث تم تضخيم الإنجازات الحقيقية أو المختلقة عبر وسائل الإعلام المختلفة لتكوين صورة مثالية و الاستعانة بالمؤثرين من خلال تجنيد الأشخاص المؤثرون في المجتمع، سواء عبر العلاقات الشخصية أو المنافع المتبادلة، لتعزيز مصداقية الصورة المزيفة أمام الجمهور اضافة الى الأعمال الخيرية و الولائم اوالمبادرات الاجتماعية زاستغلال التبرعات والأنشطة الاجتماعية كوسيلة لإظهار وجه إنساني إيجابي، في محاولة لإخفاء الحقائق السلبية.

رغم أن غسيل السمعة يركز على تحسين صورة فرد أو مؤسسة، إلا أن تأثيره السلبي يتجاوز ذلك ليطال المجتمع بأسره، ويتجلى في إضعاف الثقة بالمؤسسات و تآكل ثقة المواطنين بالحكومة والمؤسسات العامة والخاصة، مما يعزز الشعور بالشك والريبة، وتشويه الحقائق واعاقة عملية الكشف عن المخالفات ويساعد في إفلات مرتكبيها من المحاسبة والمساءلة، اضافة الى تعزيز الفشل المؤسسي واتاحة الفرصة لأفراد غير مؤهلين لتولي مناصب قيادية، مما يؤدي إلى تكرار الفشل وإضعاف الأداء العام. كما ان هذه الممارسات تسهم في إضعاف العدالة الاجتماعية و حرمان الكفاءات الحقيقية من فرصها بسبب التلاعب بالحقائق لصالح افراد تسعى لتحقيق مصالح شخصية.

في الأردن، يمكن رصد ممارسات غسيل السمعة في سياقات معينة، مثل حملات الترويج المكثفة لبعض الشخصيات المرشحة لتولي مناصب وزارية أو قيادية عليا. هذه الحملات غالبًا ما تكون مدفوعة بالرغبة في تلميع صورة أشخاص تُحيط خلفياتهم المهنية الكثير من الشكوك، ما يعكس غياب الشفافية واستغلال الرأي العام لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية.
وللحد من انتشار غسيل السمعة، يجب اتخاذ خطوات جادة لتعزيز النزاهة والشفافية، ومنها:

تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال وضع سياسات واضحة وفعالة لكشف الأخطاء ومعالجتها، و دعم الإعلام المستقل للكشف عن الحقائق، ويجب أن يكون له دور محوري في فضح هذه الممارسات. كما ان رفع الوعي المجتمعي و زيادة إدراك الجمهور بمخاطر غسيل السمعة وأثره السلبي على العدالة والمصداقية المجتمعية و تشجيع المجتمع المدني على لعب دور رقابي فعّال لكشف التلاعب بالحقائق والمعلومات من شانه الحد من اثر هذه الظاهرة.

وفي الختام، فان غسيل السمعة ليس مجرد ممارسة مؤقتة، بل خطر يهدد قيم العدالة والمصداقية في المجتمع. إن تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة هو الأساس لبناء مجتمع قوي ومستدام. فالأفراد والمؤسسات الذين يتمتعون بسمعة حقيقية قائمة على الإنجاز والنزاهة هم الأجدر بثقة الجمهور، وليس أولئك الذين يرتدون قناعًا زائفًا لتحقيق مكاسب آنية.

السمعة الحقيقية ليست قناعاً مؤقتاً





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :