الوقفي يكتب: الجولاني إذ يوصد الباب
إياد الوقفي
31-12-2024 07:22 AM
في ظل التنازع على تسلم السلطة في سوريا، أسدل الجولاني الستار عن هذا الفصل بإعلانه أن صياغة الدستور تستدعي ثلاث سنوات مقبلات، علاوة على عام إضافي لإجراء الانتخابات، وبذلك أعلن الرجل نفسه رئيسا للبلاد، وقطع الطريق على القوى التي تجهد في سبيل الوصول إلى السلطة بقصد ايصال رسالتين، الأولى للداخل والثانية للخارج، إذ من المستبعد أن يتخلى الجولاني عن كرسي القيادة لأي ممثل عن أي فصيل آخر، أو حتى استقطاب أي مسؤول سابق منشق عن نظام الأسد.
وزير الخارجية السوري عرض رسالة نوايا حين وصف الجولاني في المؤتمر الصحفي مع وفد مجلس التعاون الخليجي بسيادة الرئيس، وهذا يتقاطع مع تصريحات الجولاني بشأن الدستور واجراء الانتخابات، إذ أن الإمساك بخيوط "اللعبة" لا يمكن أن يمر إلا عبر بوابة الرئاسة التي تفتح الآفاق أمام رسم مستقبل سوريا الجديدة من وجهة نظر جولانية، ليوصد الباب أمام أي مقترحات أو تكهنات خارج حساباته الشخصية.
ثمة حراك سياسي ودبلوماسي عربي وغربي تشهده عاصمة الأمويين حوّلت أنظار العالم إلى دمشق، فالمراقب للشأن السوري يلحظ مدى دقة لغة الخطاب والتناغم الحذر بين تصريحات المسؤولين هناك، برغم محدودية خبراتهم السياسية، وهم أشبه ما يكونوا أمام امتحان صعب استعدوا له جيدا للامساك بزمام الأمور، وتقديم تغذية راجعة تتسم بإيجابية الطرح، علاوة على إدراك المسؤولين في سوريا، أن هدف الزيارات تقييمي في المقام الأول قبل إجراء أي حسابات أخرى.
في المقابلة التي أجرتها محطة العربية مع الجولاني، أجاب ردا على سؤال أنه سيحل هيئة تحرير الشام، ويحمل هذا الإعلان بين طياته رسالة واضحة لبقية الفصائل أن تحل نفسها وتنضوي تحت قيادة واحدة، من أجل البدء بتشكيل المؤسسة العسكرية، ورفض أي صيغة أخرى تخالف هذا النهج، فالعمود الفقري لأي عنوان حضاري يتجلى بتوافر الأمن والاستقرار من أجل البدء برحلة البناء في سوريا التي سويت عديد الأحياء منها في المحافظات بالأرض، من مبان ومنشات ومصانع وغيرها تحت ما يسمى بمحاربة الإرهاب.
سوريا السلام والاستقرار والأمان للجميع، شعار تطلقه وتتشبث به اليوم حكومة الجولاني، لتبعث برسائل طمأنة إلى كل من يهمه الأمر، مفادها أهمية العمل على تقديم هذا الملف السياسي والاجتماعي والاقتصادي على أي شأن آخر، بكونه يشكل خط الدفاع والأول والسيناريو الأنجع من أجل إعادة النهوض بالواقع السوري، والسبيل إلى إعادة الاعمار.
قانون قيصر وتجميد الأصول المالية للدولة السورية أسهما بشكل واضح إلى إزاحة نظام الأسد، نظرا لانهيار الحالة الاقتصادية ومسح قيمة العملة، وباتا مسألتان تؤرقان الحكم الجديد في سوريا، وإذا ما نجحت الحكومة السورية الإمساك في خيوط اللعبة، وتخطي هذه العقبة وتقديم طروحاتها ومبرراتها وضماناتها لصانع القرار الدولي في ضرورة انتهاء العمل بهما لانتفاء الحاجة، ستشكل علامة فارقة ونقطة تحول حقيقية وانتصارا للإدارة السورية الحالية، يكسبها زخما شعبيا مؤيدا لأي خطوة قادمة يتخذها النظام الجديد، وهذا ما تدركه وتعمل عليه الإدارة الحالية بكل مكوناتها، بكونه ينشل الاقتصاد ويشكل بوابة لدخول الاستثمارات والمستثمرين، ويوفر فرص عمل لآلاف الشباب، ويخرج البلاد من حالة الجمود الذي تعاني منه منذ العام 2011.