facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قانون عفو عام كل ثمانية أشهر!


د. ليث كمال نصراوين
31-12-2024 12:57 AM

أفادت تقارير صحفية قبل أيام أن لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في مجلس النواب ستتبنى مذكرة نيابية لمقترح مشروع قانون عفو عام جديد، وذلك لغايات السير بالإجراءات الدستورية لإقراره. فهذا الإجراء الذي اعتادت المجالس النيابية السابقة على المطالبة به يثير العديد من التساؤلات القانونية والسياسية حول الهدف من إصدار قانون جديد للعفو العام في هذه الفترة الزمنية والغاية التشريعية منه.

إن آخر عفو عام قد صدر في الأردن كان قبل ثمانية أشهر فقط، وتحديدا في بداية شهر نيسان من العام الحالي، عندما دخل قانون العفو العام رقم (5) لسنة 2024 حيز التنفيذ بنشره في الجريدة الرسمية. فهذا القانون قد توسع في الجرائم المشمولة بالعفو لتشمل عدداً كبيراً من الجنح والمخالفات، إلى جانب الإعفاء من الغرامات المالية المترتبة على مخالفة نصوص قانونية جزائية، وفي مقدمتها مخالفات السير.

وقبل عام 2024، كان آخر قانون عفو عام قد صدر في عام 2019 تضمن الإعفاء من قضايا جزائية وغرامات مالية عديدة، كما صدرت الإرادة الملكية السامية في عام 2021 بمنح عفو خاص لعدد كبير من المحكوم عليهم في قضايا جزائية تتعلق بجرم إطالة اللسان.

إن الفلسفة الدستورية للعفو بنوعيه العام والخاص لا تستقيم مع تكرار اللجوء إليه؛ فهو استثناء على الأصل العام بأن القانون يصدر لكي يجري تطبيقه على كل من يخالف نصوصه وأحكامه، وأن الإعفاء من العقوبة من خلال العفو العام يجب أن يكون في حدوده الدنيا بما لا يخل بمبدأ سيادة القانون. فالمشروعية الجزائية تقوم على أساس إيقاع الجزاء المناسب بحق كل من يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، فيتحقق بذلك الردع العام والخاص لكي يأمن الفرد على حياته وسلامة أفراد عائلته وممتلكاته.

إن الأمن والسلم المجتمعي الذي فرض المشرع الدستوري على الدولة حمايته لا يتوافق مع فكرة التوسع في إصدار قوانين العفو العام، وأن يتم إطلاق سراح السجناء والمجرمين وإعادة الزج بهم في المجتمع المحلي بشكل جماعي وضمن فترات زمنية متقاربة. كما أن المشرع الدستوري عندما اشترط أن يصدر العفو العام بقانون وليس بنظام عن مجلس الوزراء أراد أن يرافق إصدار هذا التشريع التروي والتفكير العميق في مبرراته وأسبابه الموجبة، فالقانون يختلف عن النظام من حيث أن إجراءات إصداره هي أكثر شدة وصعوبة من النظام الذي يكفي لإصداره موافقة مجلس ?لوزراء وإرادة ملكية سامية.

إن العفو العام وإن كان يصب في مصلحة الجاني المشتكى عليه أو المحكوم عليه من خلال وقف ملاحقته أو إعفائه من تنفيذ العقوبة الجزائية الصادرة بحقه، فإنه يلحق ضررا جسيما لا يمكن جبره في الكثير من الحالات بحق المشتكي المجني عليه الذي سيرى بأم عينيه من قام بالاعتداء عليه أو المساس بحقوقه حرا طليقا، وذلك بسبب الشعبويات النيابية المتكررة بالمطالبة بقوانين عفو عام بشكل مستمر ومتواصل.

وفيما يخص الحجج والادعاءات التي دائما ما يتم تقديمها كمبرر للعفو العام بأنه سيعمل على تخفيف الاكتظاظ في السجون، فإن قانون العفو العام يشمل بطبيعته القضايا الجزائية فقط ولا يمتد نطاقه إلى المطالبات المدنية. فالنسبة الأكبر من المدينين المتعثرين الذين صدرت بحقهم قرارات بالحبس لن يستفيدوا من العفو، فالحبس الصادر بحقهم هو حبس تنفيذي عن دين مدني لا يشمله قانون العفو العام.

وبالتناوب، فإن مشكلة ازدحام السجون ومراكز التوقيف يمكن التعاطي معها بطرق قانونية وإدارية أخرى، حيث تعمد المحاكم الجزائية على التوسع في تطبيق العقوبات المجتمعية البديلة التي تشمل الخدمة المجتمعية غير مدفوعة الأجر، والمراقبة الإلكترونية وحظر المحكوم عليه من ارتياد أماكن محددة لمدة زمنية معينة. وعلى الصعيد الإداري، دائما ما يوعز وزير الداخلية للحكام الإداريين بعدم التوسع في ممارستهم لصلاحياتهم القانونية في التوقيف الإداري والإفراج عن الموقوفين الإداريين.

ويبقى الموضوع الأهم المتعلق بمشكلة اكتظاظ السجون وتجاوزها لطاقتها الاستيعابية الذي دائما ما يُعلّق عليه النواب آمالهم في المطالبة بإصدار قانون عفو عام جديد، فإن هناك تشريعات وطنية قد صدرت وبانتظار نفاذها خلال الأشهر القليلة القادمة ستسهم بشكل كبير في حل مشكلة التزاحم داخل السجون. فقانون العقوبات قد جرى تعديله في عام 2022 لصالح إلغاء الحماية الجزائية عن الشيكات التي يجري إصدارها بدون رصيد، بحيث لن يكون بإمكان المستفيد من الشيك إقامة دعوى جزائية والمطالبة بحبس الساحب محرر الشيك، وهذا الحكم الجزائي المستحدث س?دخل حيز النفاذ في عام 2025.

كما جرى تعديل قانون التنفيذ لصالح التوسع في الاستثناءات من حالات الحبس الواردة في المادة (22) منه، لتشمل عدم جواز حبس المدين إذا عجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي باستثناء عقود ايجار العقار وعقود العمل. وهذا الحكم القانوني الجديد أيضا سيدخل حيز النفاذ قبل منتصف عام 2025.

إن مجلس النواب مدعو اليوم إلى الإطلاع على هذه الأعمال التشريعية التي أصدرها المجلس السابق في عام 2022، والتي من شأنها أن توجد حلولا جذرية لمشكلة اكتظاظ السجون ومراكز التوقيف، وبذلك تنتفي الغاية من المطالبة بقانون عفو عام جديد، إذ لا يُعقل أن يصدر هذا القانون كل ثمانية أشهر.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :