facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية في قطاع العدل


المحامي د. صدام ابو عزام
30-12-2024 11:11 PM

بات بحكم المؤكد أن وسائل الذكاء الاصطناعي تتقاطع مع كافة مجالات العلم والمعرفة، نظراً للعديد من الميز التنافسية التي توفها هذه الوسائل والتقدم التكنولوجي المقرون بها، فالأصل أنها جاءت لتسهيل حياة الأفراد وتسريع تقديم الخدمات من المؤسسات، وهذا بدوره يؤدي إلى تعزيز منظومة حقوق الإنسان بشكل عام ويصب بالنتيجة في تحقق التنمية بكافة مجالاتها.

قطاع العدل من القطاعات التي وظفت الذكاء الاصطناعي في محاوره،ـ إلا أن تقييم التجارب على المستوى العالمي لا يزال قيد البحث والتحليل في مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على الحق في إقامة العدل، فالذكاء الاصطناعي احد مكونات التكنولوجي الرقمية ومن أهم التحديات التي لا توال ترافق هذه التكنولوجيا على المستوى العالمي كيفية تطويرها وكيفية عملها ومراقبتها والشركات المشغلة لها ونهج تطوير الخوارزميات التي تستند اليها وقدرتها على الاستنتاج المنطقي والتحليل العلمي وصحة ودقة المدخلات وانعكاس ذلك على المخرجات، هذه المنظومة المعقدة يصاحبها تحديات لا بد من أخذها بعين الاعتبار.

من أبرز التحديات التي ترافق الذكاء الاصطناعي هو قدرة الخوارزميات على بناء تنبؤات حقيقية وواقعية وتشير اغلب التقارير العالمية إلى ان خوارزميات الذكاء الاصطناعي احتمالية وغير مؤكدة وتنتج خلاصات مبنية على مدخلات مسبقة تنحصر في حدودها الأمر الذي يحدث الفارق بينها وبين العقل البشري وقدرة الاستنباطية والاستدلالية.
هذا بدوره يؤثر على عملية صنع القرار التي توصف بأنها مبهمة ولا يمكن ان تلامس الواقع وان قاربت الواقع تظل حالة عدم اليقين تغلفها من كافة الأبعاد، ولعل ذلك يؤكد على ما للعقل البشري على التميز والتوفق على كل ذلك مهما كانت التقنيات المستخدمة من الذكاء الاصطناعي.

التحدي الأكبر والاهم يمكن في عدم معرفة المستخدم طبيعة المعلومات والبيانات التي تمثل حجر الرحى في هذه التقنيات والأمر الذي يبنى عليه ان عملية التحليل وصنع القرار سوف تبنى على هذه المدخلات، والشركات المشتغلة لا تفصح في العادة عن هذه المدخلات وتعتبرها من الأسرار التي لا يمكن الإفصاح عنها، وبالتالي من الصعوبة بمكان التدقيق حول صحة المخرجات أو عمليات الاستنتاج والاستدلال المنطقي.

وفي مجال إقامة العدل فإن عدم الكشف عن البيانات التي يتم الاستناد اليها في الإجراءات القضائية يمثل إخلالاً للحق في الإجراءات القانونية الواجبة الاتباع، إذ لا بد لمؤسسات القضاء والعدل والمؤسسات ذات العلاقة أن تكون على علم ودراية بكافة العمليات الخوارزمية التي يتم الاستناد اليها في عمليات الحصول على الأدلة، وكيفية الوصول اليها، واذا كانت إعطاء النتيجة مستند إلى هذه التكنولوجيا لابد من إخضاع هذه العملية للنقاش من الأطراف وهذا يمثل مبدأ جوهري لا بد التبصر به من الأطراف ومن قاض الموضوع.

وعلى صعيد الأدلة الجرمية وما يرافقها من أدوات من كاميرات وجمع بيانات وتحليلات يتم استخدامها من أجهزة إنفاذ القانون والاستجواب والاعتقال والملاحقة والمراقبة وغيرها من وسائل للحوصل والوصول إلى الأدلة الجرمية أو البحث عن مرتكبي الجرام لا بد من التاكد من الشفافية والتناسب والمساءلة والقدرة على المناقشة والاطلاع على كافة إجراءات بناء الدليل أو الإجراء.

لا شك في أن بعض الدول خطى خطوات غير مسبوقة في إدماج أنظمة الذكاء الاصطناعي في كافة محاور إقامة العدل وصولا إلى المحاكم الذكية التي غدت تصل إلى مرحلة طرح الأسئلة والاستجوابات وجمع الأدلة والمساعدة في إصدار الأحكام، حتى وصلت إلى فكرة قاضي الذكاء الاصطناعي، إلا ان كل ذلك لا بد أن يتم تقييمه على مؤشرات تحقيق العدالة والحق في المحاكمة العادلة ولا سيما الإخلال بقرينة البراءة ومبدأ المجابهة بالدليل ومناقشة الشهود التي لا يمكن الاستعاضة عن العقل البشري فيها.

وفي جناح العدالة الأخر، المحامون، فإن الأمر ليس بالأمر اليسر اذ يستند العديد من المحامون إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي في بناء مذكراتهم ودفوعهم ومرافعاتهم وفي أعمالهم القانونية الأخرى بهدف الدفاع عن موكليهم، إلا ان هذه العملية أيضا تبقى محصورة في اطار القيود الإحصائية والكلمات المفتاحية التي يتم استخدامها وبالتالي يؤثر على فكرة الدفاع برمتها ويشكل مساسا جوهريا فيها، فقد تصل هذه الأنظمة إلى فكرة " الهلوسة الذكية" نتيجة هذه العمليات وبالتالي تلفق البينات أو النتائج وتصل إلى مخرجات خاطئة ومضللة وييتم بناء اعتقادات على أنها صحيحة.

إن من أكبر دواعي القلي التي تثيرها هذه الأنظمة هو اختراق الخصوصية الأسرية والمصرفية والسجلات الجرمية والمعلومات الأمنية التي لا ترقى إلى مستوى السجلات الجرمية ويتم بناء الملفات على أنها حقائق يتم الاستناد اليها في تشكيل القناعات، مما ينتهك الحق في الخصوصية.

وعليه، يجب عدم الاعتقاد بأن هذه الأدلة مسلمات لا يمكن تفنيدها أو مناقشتها أو استبعادها، وتشير تقارير الأمم المتحدة الأمر الذي يقود إلى مسألة غاية في الأهمية تكمن في قدرة السلطة القضائية في السيطرة على هذه الأدوات التكنولوجية ومدخلاتها وأدوات الاستنتاج، وعليه أشار تقرر الأمين العام للأمم المتحدة المقدم للجمعية العامة عام 2024 وكذلك المقرة الخاصة باستقلال السلطة القضائية بأن عدم قدرة السلطة القضائية على إدارة هذه الوسائل أو السيطرة عليها أو الإشراف علها من شأنه ان يخل بمبدأ استقلال السلطة القضائية وبالتالي قد نصل إلى مسألة التحييز الإلكتروني والتي من شأنها ان تخل بقدرة القاضي على الاستنتاج المنطقي والمستند إلى مبدأ القناعة الوجدانية اذ من المستحيل إعمال هذا المبدأ كون جزء منه قوم على القدرة على تقدير الواقعة كون العاطفة أو المشاعر.

الطبيعة التقنية والعملية المعقدة لأنظمة الذكاء الاصطناعي تجعل منها صناديق سوداء لا يمكن للمتخصصين فهم الأساس المنطقي للنتائج التي يتمخض عنها النظام، وعليه فإن من المخاطر التي يمكن ان تمس الحق في المحاكمة العادلة في سياق الذكاء الاصطناعي تكمن في : الإخلال بمبدأ قرينة البراءة والحق في الحصول على المعلومة الفورية وعن مصدر الاتهام وطبيعته، والقدرة عن الدفاع عن النفس حضوريا، وتكافؤ وسائل الدفاع والفرصة للطعن في البينات والأدلة المقدمة وإتاحة الفرصة للدفاع عن النفس والاطلاع على الأدلة المقدمة ومناقشتها.

وعليه، فإن التوجه الدولي وفق معايير حقوق الإنسان لم يستقر بعد على معايير واضحة في إدماج معايير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية في أعمال القضاء، باستثناء الإعمال الإجرائية التي من شأنها أن تخفف من حدة الإجراءات البيروقراطية، الأمر الذي يجب حياله التأني في إدماج أي وسيلة من وسائل الذكاء الاصطناعي في إعمال القضاء ضماناً للمحاكمة العادلة، وتلافياً لأي مساس بهذه الضوابط.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :