facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التركيبة القلقة للدولة العربية المعاصرة


د. ماجد العبلي
30-12-2024 11:40 AM

تعاني بنية الدولة العربية المعاصرة من قلق متأصل في تركيبتها، الأمر الذي يجعلها شبه مشلولة، حيث ظلت تراوح مكانها دون تقدم يذكر في معظم المجالات على مدى قرن من الزمان تقريبا، ويمكن الإشارة إلى بعض عوامل قلق تركيبة الدولة العربية على النحو التالي:

1-أنها نتاج الاستعمار، حيث تم تصميمها لأداء وظائف أساسية تتعلق بالمصالح الاستراتيجية للدول الاستعمارية المتناقضة حكما مع مصالح الأمة العربية والمجتمعات العربية في الأقاليم العربية التاريخية، الأمر الذي جعل منها أداة لإعاقة أي تقدم اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو ثقافي.

2-أنه تم ترسيم حدودها السياسية، من قبل القوى الاستعمارية، بشكل متناقض مع حدودها الجغرافية الطبيعية، حيث تم تمزيق الأقاليم العربية التاريخية التي يشكل كل منها وحدة واحدة لا تقبل التجزئة إلى دول متعددة، فتم تقسيم الهلال الخصيب إلى خمس دول، وشبه الجزيرة العربية إلى سبع دول، ووادي النيل إلى دولتين وحديثا ثلاث دول، والمغرب العربي إلى خمس دول.

3-أنها مخيبة لآمال الشعب العربي، حيث الحدود السياسية التي تم فرضها من القوى الغربية تسبت بالكثير من الكوارث منها:
أ‌-تدمير البنى الاقتصادية التي كانت تتسم بالتكامل بين مناطق كل إقليم، وتغيير أو (تغريب) اتجاهها الذي كان قبل الاستعمار يستهدف إشباع الاحتياجات المحلية، ففككت هذا التكامل ودمجت كل جزء منفردا بالاقتصاد الرأسمالي (الاستعماري) الغربي لتلبية احتياجات السوق العالمي.

ب‌-تمزيق المجتمعات العربية الإقليمية الممتدة، وتفتيت التكوينات المجتمعية المحلية بين الدول فصارت العائلة الواحدة في كثير من الأحيان موزعة على دولتين أو أكثر فضلا عن تمزيق الوحدات القبلية الكبيرة بين الدول، الأمر الذي بات مصدر قلق أمني على الحدود بين هذه الدول.

4-أنها لم تطور الإنسان، حيث برامج التنمية الشاملة التي تم إطلاقها مرارا وتكرارا لم تكن سوى ذر للرماد في العيون، حيث لم تكن جادة ولم تكن شاملة ولم تكن تنموية بحق، وإنما كانت مشاريعا تكتيكية لشراء الوقت وتمرير مراحل التموضع التراجعي للدول العربية التي وعدت شعوبها بالرفاه والتقدم والحرية كذبا.

5-أنها لم تحقق العدالة، حيث احتكرت النخب الحاكمة السلطة والثروة احتكارا كاملا، الأمر الذي أدى شيئا فشيا إلى استقطاب اجتماعي حاد يتمثل بوجود طبقتين: أقلية غنية جدا وتتحكم بالدولة تحكما كاملا، وأكثرية فقيرة مهمشة ومغلوبة على أمرها.

6-أنها لم تسمح بالتعددية، حيث استخدمت القمع لإدامة أحاديتها في الاستئثار بالسلطة والثروة، وشلت مؤسسات المجتمع المدني الناشئة من خلال اختراقها أو تعطيلها
7-أنها كرست نفسها كبنية متخلفة تتمثل بكونها:
1-نظاما رعويا، حيث كرست النخبة الحاكمة نفسها راعيا للدولة وفوق المجتمع، وأفراد الشعب مجرد رعايا في هذه الدولة، فلم يتم العمل على بناء ثقافة المواطنة.

2-نظاما ريعيا، حيث لم تعمد الدولة إلى بناء منظومة إنتاجية وإنما ظلت تعتمد على بيع المواد الخام وجمع الضرائب من المواطنين.

3-نظاما سلطويا أو ديكتاتوريا، حيث احتكرت النخبة الحاكمة السلطة وأدواتها وحيدت أفراد الشعب تحييدا كاملا إلا من المشاركة الصورية في الانتخابات المزورة سلفا.

كل ذلك جعل المواطن العربي يتمسك بتكوينه الاجتماعي السابق للدولة عصبيا أو مذهبيا أو جغرافيا، للتمتع بالأمن والحماية، ولم يثق بالدولة ولم يطمئن لها، بل إن إخفاقاتها المتتالية –لا سيما بعد (الربيع العربي) زادته تمسكا بتكوينه السابق والانتماء له بكل قوة؛ الأمر الذي بات تحديا إشكاليا في وجه أية محاولة لإعادة بناء أية دولة عربية على أسس موضوعية حديثة: سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :