خالد مشعل يقود إنقلاب حماس
حمادة فراعنة
15-08-2007 03:00 AM
بق خالد مشعل البحصة وكشف المستور وأعلن الحقائق وأسرار الوقائع الحسية في انقلاب حركة حماس على الشرعية الفلسطينية بقوله حرفياً كما أوردتها صحيفة حركة الاخوان المسلمين "السبيل" في عددها 704 الصادر يوم 30/ تموز/ 2007:
أولاً: "أن الاستيلاء على مقرات الرئاسة والأجهزة الأمنية لم يتم بشكل عشوائي وإنما تم وفق عملية عسكرية مبرمجة ومخطط لها".
ثانياً: ما أقدمت عليه حماس "كان دفاعاً مشروعاً عن الشرعية وليست مغامرة خططنا لها دون أن نحسب عواقبها أو تداعياتها الاقليمية والدولية"
ثالثاً: يدعو خالد مشعل "الأطراف الاقليمية والدولية إلى أن تعيد قراءتها للموقف، وألا تظل في خانة الحسابات الخاطئة، وأن تدرك أن حشر حماس في الزاوية والاصرار على الانقلاب على شرعيتها وعلى نتائج الانتخابات التي فازت بها لن يؤدي إلا إلى ما جرى أخيراً في غزة". هذه فقرات منقولة حرفياً عن حديث خالد مشعل.
وبالتالي ليس هناك ما هو أوضح من هذا الكلام، ولا توجد دلالة بائنة على برمجة ومواقف حركة حماس كما أوضحها خالد مشعل، فالانقلاب العسكري الذي نفذته كتائب القسام والقوة التنفيذية السوداء، لم يكن مجرد فعل آني متسرع على مؤمرات محمد دحلان ورشيد أبو الشباك، بل هو مخطط ومبرمج له، حيث "صبرت حماس عاماً ونصف العام" كما يقول خالد مشعل حتى نفذت ما أرادت وما سعت له وهو الاستيلاء الكامل على قطاع غزه، بهدف الحفاظ على نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها يوم 25/1/2006، فقادة حماس يعتبرون أن نتائج الانتخابات حق ومكسب يجب الحفاظ عليه بقوة السلاح وكتائب القسام وميليشيا القوة التنفيذية، وبهذا المعنى كان يفترض أيضاً على حركة فتح التي قادت النضال الفلسطيني أربعين عاماً أن تحافظ على نتائج الانتخابات التي حصلت عليها يوم 20/1/1996 وأن لا تذعن لنتائج الانتخابات الثانية التي حصلت يوم 25/1/2006 ويجب أن لا تسلم لحركة حماس السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأن ترفض ذلك بقوة السلاح خاصة وأن بيدها السلطة وعليها أن لا تذعن لسلطة القانون والدستور وافرازات صناديق الاقتراع.
حركة فتح تحملت مؤامرات ومحاولات وعمليات حماس طوال عشر سنوات التي هدفت الى اسقاط حكومات فتح وافشالها واحباط برنامجها، منذ ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية في إنتخابات 20/1/1996، حتى انتخابات 25/1/2006، وقبلت فتح بمبدأ تداول السلطة ونتائج الانتخابات التي أشرفت عليها الأجهزة الأمنية وحكومة أحمد قريع الفتحاوية الائتلافية، فلماذا أقرت فتح حق حماس في إحباط وافشال اتفاق اوسلو وتداعياته، وأقرت في الوقت نفسه بنتائج الانتخابات التي أخفقت فيها فتح وفازت بها حماس، وعليه لماذا تقبل حماس بما كانت تفعله في عهد حكومات فتح، ولماذا لا تقر حق فتح في إفشال وإحباط حكومة حماس وإسقاطها بالوسائل السياسية والجماهيرية والقانونية والدستورية؟ ولماذا ترفض حماس الاحتكام مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع وإلى الانتخابات والعودة إلى صاحب الولاية الشعب الفلسطيني نفسه الذي يمنح الشرعية لمن يشاء ويحجبها عمن يشاء، خاصة وأن حماس اليوم تملك الأغلبية وتملك المال الوفير للصرف على الانتخابات؟
لا يوجد سوى سبب واحد للإجابة على هذا السؤال وهو عدم ثقة قادة حماس بأنفسهم وشعبهم، لأنهم يدركون أن الشعب الفلسطيني الذي عاقب حركة فتح يوم 25/1/2006، قادر على معاقبة حركة حماس في الانتخابات المقبلة بسبب سوء إدارتها وعجزها وفشلها وبسبب سلسلة الجرائم التي ارتكبتها بحق المناضلين وبحق شعبها، فقد أثبتت أنها تنظيم شمولي لا يؤمن بالديمقراطية ولا يحترم الآخر، ولا يقر مبدأ تداول السلطة، وأنه يلجأ إلى القوة العسكرية والانقلاب لحماية منجزاته، وهو لا يختلف عن كافة الأحزاب القومية واليسارية والأصولية التي إرتكبت الجرائم الانقلابية على امتداد بلدان العالم العربي والاسلامي خلال نصف القرن الماضي، ولم تثمر إنقلاباتها سوى الهزيمة والتخلف وتغييب الديمقراطية وسيادة سلطة العسكر والرأي الواحد وضرب الآخر وممارسة كل أنواع العسف ضد التعددية وإلغاء سلطة القانون وتعليق مواد الدستور حتى تتحكم بالشعب وبالاحزاب وبالمعارضة، هذا هو نتاج كل الانقلابات العسكرية في وطننا العربي بدءاً من أول انقلاب قاده حسني الزعيم في سوريا يوم 30/3/1949 وانتهاء بآخر إنقلاب قادته حماس والاخوان المسلمين في فلسطين يوم 14 حزيران 2007 باستثناء تجربتين واحدة في السودان قادها سوار الذهب في عام 1986 حينما سلم السلطة للأحزاب السياسية التي فازت بالانتخابات البرلمانية والثانية في موريتانيا هذا العام 2007 حينما سلم العسكر أيضاً السلطة للفائزين بنتائج الانتخابات ويبدو أن حركة حماس وقادتها لا ينتمون لا لمعسكر سوار الذهب السوداني ولا لمعسكر محمد فال الموريتاني، بل ينتمون لمعسكر التطرف والشمولية والعسف وحرمان الآخر من حقه في التعبير ومن حقه في المعارضة ومن حقه في رفض سياسة حماس الأصولية.