حقوق الاقليات واستغلالها للقمع والتدخل الخارجي
خلدون ذيب النعيمي
30-12-2024 07:55 AM
بداية اعترف بإخفاقي في أيجاد مصطلح غير "الأقليات" الذي اتحفظ عليه بقوة ، فأنا أنتمي لوطن يعتبر كل من يعيش على ارضه هو جزء من نسيجه المجتمعي المتساوي بالحقوق والواجبات وقيمة أي انسان بقدر ما يقدمه لهذا الوطن بغض النظر عن أي فوارق ، فالجميع فيه عائلة واحدة بمحبتهم حتى في اختلافهم الآني حول أي موضوع فهو اختلاف لا يقرره العرق او الدين ، لقد شهدت احد الافراح الذي اصر فيه اشقاء العروس ان يقوم صديق والدهم المتوفي وهو من دين آخر بإلباس العروس عباءته وزفها لعريسها وهو يوصيه عليها كأبنته وذلك اكراما" لصداقته الطويله لوالدهم ، والقصص كمثل هذه كثير وكلها تدل على العلاقة الحسنة التي تربط نسيج مجتمعاتنا رغم الحوادث المعدودة والتي لا يقف وراءها وجود الفوارق كثيراً بقدر استغلالها لمآرب معينة .
المطلع يرى أحياناً كثيرة انه "كل مادق الكوز بالجرة" تصبح حقوق الأقليات كحجة للقمع او التدخل الخارجي وبمثابة الكرت الاحمر الذي يشهر في وجه الدول وشعوبها لتحقيق المصالح الخاصة للطغاة والتدخل الخارجي على حد سواء ، فالنظام القمعي فضلاً عن فشله في ادارة التنوع في مجتمعه فأنه يلجاً للمبدأ الاستعماري الشهير "فرق تسد" في مجتمعه ليسهل أدارته، بل تفوق على المستعمر من خلال تجزيء المجزء ، فلم يعد المسلم سنيا او شيعياً بل هو حنفي وشافعي وعلوي واثني عشر وغير ذلك حسب الحاجة المرحلية له كما يرى ، وكذلك المسيحي فاصبح هنالك الروم والارمن والسريان والاقباط الارثوذكس وامثالهم الكاثوليك ، وهو بالمناسبة ما تقوم به اسرائيل التي قسمت المجتمع العربي الذي بقي في فلسطين بعد نكبة عام 1948 الى المجتمع العربي والدرزي والشركسي والشيشاني والقائمة تطول ، ووقت شدتها وحرجها تقوم الانظمة الديكتاتورية بالتباكي على الاقليات فيها ودغدغة عواطف القوى العالمية من خلال ادعاء حمايتهم من فئات اخرى .
اما القوى الخارجية فتعتبر حقوق الاقليات الى جانب ادعاءات حماية حقوق الانسان وحريته والديمقراطية من ضمن المسلات التي تنسج بها خطط تدخلاتها في الدول الاخرى وذلك لتحقيق مصالحها ، وتاريخياً ساهم التدخل الخارجي في توتير الطوائف العرقيات على بعضها كما كان في الفتنة الكبرى بين الدروز والمسيحيين في جبل لبنان في منتصف القرن التاسع عشر والتي وصلت صداها لعموم بلاد الشام ، حيث دعمت روسيا الارثوذكس وفرنسا الموارنة وبريطانيا الدروز ، وما حديث الدول الغربية الذي نسمعه الآن عن حقوق الانسان والاقليات في سورية مرحلة ما بعد الاسد عن ذلك ببعيد ، وذلك في وقت تدمر حليفتهم اسرائيل الانسان والحجر في غزة فأصبح كل حديثهم بمثابة الاسطوانة المشروخة والتي وان نادراً ما تصدق ظروفها فكثيراً ما تكذبها نواياهم .
لا شك ان الطغاة والمستعمرين وان نجحوا في استغلال حقوق الاقليات في تحقيق مآربهم فيما سبق فهم يواجهون معضلة كبرى في تحقيق مرادهم في وقتنا الحالي ، فانكشاف اهدافهم وخططهم وشرورهم أوصلت حقيقية للجميع انهم سواسية في نظرهم "وليس زيد أفضل من عبيد " ، وعندما تتحقق غايتهم تصبح حقوق الاقليات بمثابة "كرت محروق" لا فائدة منه بالنسبة لهم ، وهو الأمر الذي ادركته الشعوب بمجتمعاتها مؤخراً للأسف بعد تجارب مريرة .