صدق، في عالم مليء بالتحديات البيئية والاقتصادية، ينبثق الأمل من خلال عقول مبدعة تتحدى المستحيل، ومن بين هذه العقول اللامعة يبرز اسم العالم العربي الأردني البرفسور عمر ياغي، الذي أحدث ثورة علمية غير مسبوقة في مجالات الطاقة والبيئة. إن إنجازاته لا تمثل فقط فخرًا للأردن، بل تسهم في إعادة صياغة مستقبل البشرية، حيث يُظهر كيف يمكن للعلم أن يكون الأداة الأقوى لحل الأزمات العالمية.
البرفسور عمر ياغي، المولود في عمان عام 1965، هو أحد أبرز علماء الكيمياء المادية في العالم، ويشغل حاليًا منصب أستاذ في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. يُعد مؤسس مجال الشبكات العضوية المعدنية (MOFs)، وهي مواد مبتكرة قادرة على إحداث نقلة نوعية في تخزين الطاقة وتنقية المياه. أبحاثه الطموحة لا تمثل فقط تغييرًا على المستوى العلمي، بل تقدم حلولًا عملية لأبرز التحديات التي تواجه البشرية.
أعظم ابتكارات الدكتور ياغي يتمثل في تصميمه لشبكات عضوية معدنية قادرة على استخراج الماء من الهواء حتى في أكثر البيئات جفافًا. تعتمد هذه التقنية على خاصية مسامية المواد التي تمتص بخار الماء من الهواء وتحوله إلى ماء صالح للشرب باستخدام الطاقة الشمسية فقط.
هذه التقنية المبتكرة تعمل بكفاءة حتى في مستويات منخفضة جدًا من الرطوبة (10%-20%)، حيث تقوم مواد MOFs بامتصاص بخار الماء وإطلاقه على شكل قطرات نقية عند تعرضها لأشعة الشمس. ما يميز هذه العملية هو بساطتها وصداقتها للبيئة، مما يجعلها مثالية للمناطق القاحلة والصحراوية، مثل منطقة الشرق الأوسط.
ولا تتطلب هذه التكنولوجيا محطات تحلية المياه المعقدة أو شبكات توزيع باهظة التكاليف. فهي تعتمد فقط على الطاقة الشمسية، مما يجعلها حلاً مستدامًا يقلل من البصمة الكربونية مقارنة بالحلول التقليدية. هذه التقنية ليست مجرد إنجاز علمي، بل هي وسيلة لتحسين حياة الملايين حول العالم، خاصة في المناطق التي تعاني من شح المياه.
إن قصة ياغي هي أكثر من مجرد نجاح فردي؛ إنها شهادة على قدرة العقول الأردنية والعربية على قيادة التغيير في الساحة الدولية. ابتكاره لتحويل الهواء إلى ماء لا يلبي فقط الاحتياجات المحلية للدول التي تعاني من نقص المياه، بل يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي ويؤكد أن الأردن وطن للإبداع والعلم.
هذا الابتكار ليس فقط إنجازًا علميًا، بل دعوة للعالم للاستثمار في البحث والتطوير كوسيلة لتحقيق الاستدامة وحل الأزمات العالمية. الأردن، من خلال أبنائه المبدعين مثل الدكتور ياغي، يكتب فصلاً جديدًا في تاريخ الابتكار البشري.
شكراً لمبادرة نوابغ العرب، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتكريم العلماء العرب. إنها خطوة تُعيد للأمة العربية أمجادها العلمية وتبعث الأمل في أن العلم والإبداع سيظلان القوة المحركة لمستقبل أفضل. الأردن، بأبنائه المبدعين، يُغير وجه العالم ويقود "ثورة" في مسيرة الإنسانية نحو الاستدامة.