بين السطور المخفية في تقارير ديوان المحاسبة .. ما الذي لم يُقال؟
محمود الدباس - ابو الليث
29-12-2024 02:43 PM
عندما يطل علينا ديوان المحاسبة بتقاريره السنوية.. تكاد صفحاتها تعج بما يندى له الجبين.. من أموالٍ أُهدرت.. وقراراتٍ خالفت القوانين.. ورواتبٍ تجاوزت حدود المنطق.. نقرأها ونشعر للحظة بأننا أمام جهاز يعي مسؤوليته.. ويُمسك بمفاصل الفساد.. كما يُمسك الجراح بالمشرط.. ولكن سرعان ما يتبادر إلى الأذهان سؤال لا يقبل التأجيل.. أين كان الديوان طوال هذه السنوات؟!.
كيف تستمر ملفات فساد لسنوات طويلة دون أن يتحرك أحد؟!.. كيف تُصرف رواتب فلكية لبعض المسؤولين.. أو تُمنح استثناءات دون وجه حق.. ولا تُسمع همسة اعتراض؟!.. كيف يُترك المال العام فريسة سهلة لمن لا يرقب في خزينة الدولة إلًّا ولا ذمة؟!.. أليس هذا الإهمال استمراراً للفساد ذاته؟!.
إن تقاريركم يا ديوان المحاسبة.. بقدر ما تُظهر من حجم التجاوزات.. إلا أنها تُثقل كاهل المواطن بإحساس بالعجز والإحباط.. لأنها تُعلن الجريمة.. دون العقاب.. وتكشف الجاني.. دون أن تُكبل يديه.. بل إن بعض هؤلاء الجناة.. ما زالوا يحتلون مواقعهم.. وربما تزداد سطوتهم عاماُ بعد عام.. فكيف لنا أن نثق بأن هناك أملاً في استرداد ما سُرق.. أو محاسبة من نَهب؟!.
نحن لا نريد تقارير تُقرأ في الأخبار.. ثم تُنسى.. ولا نبحث عن بيانات تُسكن الغضب إلى حين.. بل ننتظر منكم أفعالاً تشفي صدورنا.. وتُعيد لنا إيماننا بأن الحق يُنتصر له.. نريد خطوات جادة.. تُسقط حصون الفساد.. وتُعيد المال المنهوب.. نريد أن نرى رؤوس الفساد تُحاكم أمام الشعب.. لا أن تُترك في مناصبها تزداد نفوذاً.
إن لم تقترن تقاريركم بالمحاسبة الحقيقية والشفافة.. فإنها تتحول إلى أداة تُثبت للمواطن.. أن الفساد أقوى من العدالة.. وأن لا صوت يعلو فوق صوت المتنفذين.. وهذا.. والله.. أشد خطراً من الفساد ذاته.
ما لم يُقال في هذه التقارير.. هو أن العدالة غائبة.. ما دام العقاب لا يلحق بالمفسدين.. وما دام المواطن يقرأ ولا يرى فعلاً يرد حقاُ.. أو يُقيم عدلاُ.. فإلى متى سنظل نقرأ عن الفساد.. دون أن نرى نهايته؟!.