كدت اسمي اللقاء الذي جمع «ثلة» من الزملاء مع رئيس الوزراء د. معروف البخيت على مدى ساعتين ونصف يوم امس, بأنه لقاء هادئ تميّز بالصخب, بمعنى أن سقوف الزملاء كافة كانت مرتفعة ولم يوفروا ملفاً أو قضية تشغل الرأي العام الاردني, إلا وبسطوها أمام الرئيس البخيت مطالبين بردود أو اجابات, وكان بعضهم يضيء عليها ويدعو الرئيس للتعرف اليها, بعيداً عن لغة التقارير أو الهمس الشفوي الذي يمكن تفسيره في اتجاهات عديدة ليس اقلها, أن بمقدوره معرفة الحقيقة من افواه اصحابها مباشرة, على النحو الذي سمعناه في مدى تأثير عملية اعادة الهيكلة على الزملاء العاملين في وكالة الانباء الاردنية بترا, كذلك الحال مع مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، ناهيك عن ملابسات 24 آذار وما حدث في فعاليات ذكرى النكبة .
الانطباع الذي خرجت به من لقاء يوم أمس مع الرئيس البخيت, هو تأكيده أن لدى «حكومته» ما تفعله وتقوله وهي تنظر الى الامور بشمولية لكنها لا تتسرع في التنفيذ, وعندما لفتُّ نظره الى أن الناس يقولون أن خطوات الحكومة (وهو شخصياً) تتسم بالبطء وهذا يخصم من رصيده, على النحو الذي رأيناه في حكومته الاولى, التي شاعت بعد استقالتها مقولة أن البخيت لم يأخذ وقته الكافي وأنه الان يعيد السيرة الاولى في البطء, رفض هذا الطرح وقال في ما يشبه الارتياح اننا انجزنا الكثير خلال الاشهر الثلاثة التي انقضت على تشكيل حكومته الثانية, وخصوصاً لجهة التأشير على أن حكومته هي التي اطلقت الحريات العامة, ناهيك عن انجاز قانون الانتخابات البلدية (مؤكداً ان هناك انتخابات بلدية ستتم هذا العام), كما انجزت الحكومة مشروع قانون نقابة المعلمين, منوهاً بالاستراتيجية الاعلامية التي تبنتها حكومته في التشديد على «أننا ألغينا مدونة السلوك».. ولم يتردد الرئيس البخيت طوال مدة الحوار في الاعتراف (...) بأن حكومته «مقصرة» في التواصل مع الاعلام.
مخرجات لجنة الحوار الوطني التي تسلمها البخيت يوم السبت الماضي, احتلت موقعاً متقدماً في النقاش وبخاصة حول ما تعتزم الحكومة اتخاذه, وهو ما دفع الرئيس الى الكشف عن أن الحكومة ستبدأ على الفور بوضع تصور أولي للانتخابات المقبلة, اعتماداً أو بناء على توصيات لجنة الحوار الوطني, وإن كان حسم ان مشروعي «قانوني الاحزاب والانتخابات» لن يتم ارسالهما الى مجلس النواب قبل انتهاء عمل لجنة تعديل الدستور (تُنهي اعمالها نهاية حزيران الجاري), وكان لافتاً قول الرئيس أن قانون البلديات له اولوية على اجندة حكومته, معتبراً أنه قانون عصري ولا يعتمد على قانون الصوت الواحد, ما سيتيح الفرصة للمواطنين بانتخاب كامل اعضاء المجلس البلدي في ورقة ورئيس البلدية في ورقة ثانية..
أمانة عمان, هي التي تم استثناؤها من «القانون العصري» الذي تحدّث عنه الرئيس البخيت, متكئاً على «حجم الموازنة» الذي تتوفر عليها الامانة, ما يستدعي (والقراءة له) تريّثاً وابداء المزيد من الحرص على عدم وصول أحد من غير اصحاب الخبرة (...) الى موقع الامين, وإن كان الرئيس البخيت كشف عن ان الصيغة القديمة لمجلس الامانة الذي قام على مبدأ «النصف» بمعنى نصف منتخب والنصف الآخر معيّن, لن يتم العمل بها بل ستكون وفق ثلثين (منتخب) وثلث معيّن (بمن فيه الأمين)..
من الصعوبة بمكان اجمال نقاش طويل وصريح ومباشر في عجالة كهذه, بل لا ابالغ اذا ما قلت أن أحداً منا لم يوفر الحكومة ورئيسها, واصل البخيت خلالها «الابتسام», وإن كان في محطات أخرى يغمز من قناة هذا الانتقاد (وليس المُنْتَقِد), وتلك الاشارات, التي ذهبت في معظمها الى تحميل الحكومة مسؤولية الاحباط والتوتر, الذي عليه معظم الاردنيين لاسباب عديدة, ليس اقلها اتساع حجم الفقر والبطالة وغياب المعالجات المدروسة, وما بدا في مراحل معيّنة وكأن ملفات تُفتح بافتعال واخرى يجري الطمس عليها لاسباب غير معلومة..
جملة القول, أن الرئيس الذي اعترف بأن هناك «بُخلاً» في اعطاء المعلومات خلافاً لقانون الحق في الحصول على المعلومات, بدا متحفظاً ازاء بعض القضايا وتهرّب في الاجابة الصريحة عليها, مرسلاً رسائل مقتضبة في اتجاهات عديدة, أحسب انني ربما أكون أظلمه , اذا ما اضأت عليها وفق تخميني أو قراءتي, وبخاصة أن الرئيس البخيت اشتكى كثيراً وطويلاً من الشائعات التي «تطاله وحكومته»!!
Kharroub@jpf.com.jo
(الرأي)